کد مطلب:90813 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:158
إِلَی الْمَوْلُودِ، الْمُؤَمِّلِ مَا لاَ یُدْرِكُ، السَّالِكِ سَبیلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ، غَرَضِ الأَسْقَامِ، وَ رَهینَةِ الأَیَّامِ، وَ رَمِیَّةِ الْمَصَائِبِ، وَ عَبْدِ الدُّنْیَا، وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ، وَ غَریمِ[2] الْمَنَایَا، وَ أَسیرِ الْمَوْتِ، وَ حَلیفِ الْهُمُومِ، وَ قَرینِ الأَحْزَانِ، وَ نُصُبِ[3] الآفَاتِ، وَ صَریعِ الشَّهَوَاتِ، وَ خَلیفَةِ الأَمْوَاتِ. أَمَّا بَعْدُ، یَا بُنَیَّ[4]، فَإِنَّ فیمَا تَبَیَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْیَا عَنّی، وَ جُمُوحِ الدَّهْرِ عَلَیَّ، وَ إِقْبَالِ الآخِرَةِ إِلَیَّ، مَا یَزَعُنی[5] عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَایَ، وَ الاِهْتِمَامِ بِمَا وَرَایَ[6]. غَیْرَ أَنّی حَیْثُ تَفَرَّدَ بی[7] دُونَ هُمُومِ النَّاسِ هَمُّ نَفْسی، فَصَدَّقَنی[8] رَأْیی، وَ صَرَفَنی عَنْ [صفحه 948] هَوَایَ[9]، وَ صَرَّحَ لی مَحْضُ أَمْری، فَأَفْضی بی إِلی جِدٍّ لاَ یَكُونُ فیهِ[10] لَعِبٌ، وَ صِدْقٍ لاَ یَشُوبُهُ كَذِبٌ. وَ وَجَدْتُكَ، أَیْ بُنَیَّ[11]، بَعْضی، بَلْ وَجَدْتُكَ كُلّی، حَتَّی كَأَنَّ شَیْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنی، وَ كَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانی، فَعَنَانی مِنْ أَمْرِكَ مَا یَعْنینی مِنْ أَمْرِ نَفْسی، فَكَتَبْتُ إِلَیْكَ، یَا بُنَیَّ[12]، كِتَابی هذَا مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقیتُ لَكَ أَوْ فَنیتُ. وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا أَبْدَؤُكَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَ آخِرِهِ أَنّی أَحْمُدُ إِلَیْكَ اللَّهَ إِلهی وَ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبَائِكَ الأَوَّلینَ وَ الآخِرینَ، وَ رَبَّ مَنْ فِی السَّموَاتِ وَ مَنْ فِی الأَرَضینَ، بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَ كَمَا یُحِبُّ وَ یَنْبَغی لَهُ. وَ أَسْأَلُهُ أَنْ یُصَلِّیَ عَلی نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ عَلی أَهْلِ بَیْتِهِ، وَ عَلی أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ بِصَلاَةِ جَمیعِ مَنْ صَلَّی عَلَیْهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَ أَنْ یُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْنَا لِمَا وَفَّقَنَا مِنْ مَسْأَلَتِهِ وَ الاِسْتِجَابَةِ لَنَا، فَإِنَّ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ[13]. [ أَمَّا بَعْدُ، ] فَإِنّی أُوصیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ[14] أَیْ بُنَیَّ، وَ لُزُومِ أَمْرِهِ، وَ عِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ، وَ الاِعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالی یَقُولُ: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمیعاً وَ لاَ تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعَدَاءً فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً[15]. وَ أَیُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبِبٍ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالی[16] إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ؟. [ یَا بُنَیَّ، ] أَحْیِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ، وَ أَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ، وَ قَوِّهِ بِالْیَقینِ، وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ، وَ أَسْكِنْهُ بِالْخَشْیَةِ، وَ أَشْعِرْهُ بِالصَّبْرِ[17]، وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ، وَ قَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ، وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْیَا، وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ[18] الدَّهْرِ وَ فُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّیَالی وَ الأَیَّامِ، وَ اعْرِضْ عَلَیْهِ أَخْبَارَ الْمَاضینَ، وَ ذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ [صفحه 949] مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَوَّلینَ. وَ سِرْ فی دِیَارِهِمْ، وَ اعْتَبِرْ بِ[19] آثَارِهِمْ، فَانْظُرْ فیمَا فَعَلُوا، وَ عَمَّا انْتَقَلُوا، وَ أَیْنَ حَلُّوا وَ نَزَلُوا، فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا[20] عَنِ الأَحِبَّةِ، وَ حَلُّوا دَارَ[21] الْغُرْبَةِ. وَ نَادِ فی دِیَارِهِمْ: أَیَّتُهَا الدِّیَارُ الْخَالِیَةُ، أَنَّی أَهْلُكِ؟. ثُمَّ قِفْ عَلی قُبُورِهِمْ فَقُلْ: أَیَّتُهَا الأَجْسَادُ الْبَالِیَةُ، وَ الأَعْضَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ، كَیْفَ وَجَدْتُمُ الدِّیَارَ الَّتی أَنْتُمْ بِهَا؟. أَیْ بُنَیَّ[22]، وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَلیلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ، فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ، وَ بِعْ دُنْیَاكَ بِآخِرَتِكَ[23]، وَ لاَ تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْیَاكَ. وَدَعِ الْقَوْلَ فیمَا لاَ تَعْرِفُ، وَ الْخِطَابَ[24] فیمَا لَمْ[25] تُكَلَّفْ. وَ أَمْسِكْ عَنْ طَریقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ، فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَیْرَةِ الضَّلاَلِ خَیْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوَالِ. یَا بُنَیَّ، اقْبَلْ مِنَ الْحُكَمَاءِ مَوَاعِظَهُمْ، وَ تَدَبَّرْ أَحْكَامَهُمْ[26]، [ فَإِنَّ ] كُلَّ وِعَاءٍ یَضیقُ بِمَا جُعِلَ فیهِ إِلاَّ وِعَاءَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ یَتَّسِعُ بِهِ. [ وَ ] إِذَا أَرْذَلَ اللَّهُ عَبْداً حَظَرَ عَلَیْهِ الْعِلْمَ. وَ كُنْ آخَذَ النَّاسِ بِمَا تَأْمُرُ بِهِ، وَ أَكَفَّ النَّاسِ عَمَّا تَنْهی عَنْهُ[27]. [صفحه 950] عَظِّمِ الْخَالِقَ عِنْدَكَ یَصْغُرِ الْمَخْلُوقُ فی عَیْنِكَ. وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَ أَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِیَدِكَ وَ لِسَانِكَ، وَ بَایِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ، فَإِنَّ اسْتِتْمَامَ الأُمُورِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالی الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ[28]. وَ جَاهِدْ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ لاَ تَأْخُذْكَ فِی اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ. وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ[29] حَیْثُ كَانَ. وَ تَفَقَّهْ فِی الدّینِ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِیَاءِ، إِنَّ الأَنْبِیَاءَ لَمْ یُوَرِّثُوا دینَاراً وَ لاَ دِرْهَماً، وَ لكِنَّهُمْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ. فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ للَّهِ حَسَنَةٌ، وَ طَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَ الْمُذَاكَرَةَ فیهِ تَسْبیحٌ، وَ الْعَمَلَ بِهِ جِهَادٌ، وَ تَعْلیمَهُ مَنْ لاَ یَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ، وَ بَذْلَهُ لأَهْلِهِ قُرْبَةٌ إِلَی اللَّهِ تَعَالی. لأَنَّهُ مَعَالِمُ الْحَلاَلِ وَ الْحَرَامِ، وَ مَنَارُ سُبُلِ الْجَنَّةِ، وَ الْمُؤْنِسُ فِی الْوَحْشَةِ، وَ الصَّاحِبُ فِی الْغُرْبَةِ وَ الْوَحْدَةِ، وَ الْمُحَدِّثُ فِی الْخَلْوَةِ، وَ الدَّلیلُ فِی السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ، وَ السِّلاَحُ عَلَی الأَعْدَاءِ، وَ الزَّیْنُ عَلَی الأَخِلاَّءِ. بِهِ یُطَاعُ الرَّبُّ وَ یُعْبَدُ، وَ بِهِ تُوصَلُ الأَرْحَامُ، وَ یُعْرَفُ الْحَلاَلُ مِنَ الْحَرَامِ. یُلْهَمُ بِهِ السُّعَدَاءُ، وَ یُحْرَمُهُ الأَشْقِیَاءُ. یَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً فَیَجْعَلُهُمْ فِی الْخَیْرِ قَادَةً، تُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ، وَ یُهْتَدی بِفِعَالِهِمْ، وَ یُنْتَهی إِلی آرَائِهِمْ. فَطُوبی لِمَنْ لَمْ یَحْرِمْهُ اللَّهُ مِنْهُ حَظَّهُ. وَ اعْلَمْ أَنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ یَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِی السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ، وَ كُلُّ رَطْبِ وَ یَابِسٍ، حَتَّی الطَّیْرُ فی جَوِّ السَّمَاءِ، وَ الْحُوتُ فِی الْبَحْرِ. وَ إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضیً بِهِ. وَ فیهِ شَرَفُ الدُّنْیَا وَ الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. [صفحه 951] إِنَّ الْعِلْمَ حَیَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، وَ ضِیَاءُ الأَبْصَارِ مِنَ الظُّلْمَةِ، وَ قُوَّةُ الأَبْدَانِ مِنَ الضَّعْفِ، یَبْلُغُ بِالْعَبْدِ مَنَازِلَ الأَخْیَارِ، وَ مَجَالِسَ الأَبْرَارِ، وَ الدَّرَجَاتِ الْعُلی فِی الدُّنْیَا وَ الآخِرَةِ. الذِّكْرُ فیهِ یَعْدِلُ بِالصِّیَامِ، وَ مُدَارَسَتُهُ بِالْقِیَامِ، لأَنَّ الْفُقَهَاءَ هُمُ الدُّعَاةُ إِلَی الْجِنَانِ، وَ الأَدِلاَّءُ عَلَی الرَّحْمنِ[30]. وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ التَّصَبُّرَ[31] عَلَی الْمَكْرُوهِ، [ فَإِنَّ ] الصَّبْرَ عَلَی الْمَكْرُوهِ یَعْصِمُ الْقَلْبَ[32]، وَ نِعْمَ الْخُلُقُ التَّصَبُّرُ فِی الْحَقِّ، وَ احْمِلْهَا عَلی مَا أَصَابَكَ مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْیَا وَ هُمُومِهَا[33]. وَ أَلْجِئْ نَفْسَكَ فی أُمُورِكَ[34] كُلِّهَا إِلی إِلهِكَ، فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلی كَهْفٍ حَصینٍ، وَ حِرْزٍ[35] حَریزٍ. وَ اعْتَصِمْ فی أَحْوَالِكَ كُلِّهَا بِاللَّهِ، فَإِنَّكَ تَعْتَصِمُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِ[36] مَانِعٍ عَزیزٍ. وَ أَخْلِصْ فِی الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ، فَإِنَّ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَ الشَّرُّ، وَ[37] الْعَطَاءُ وَ الْمَنْعُ، وَ الصِّلَةُ[38] وَ الْحِرْمَانُ. وَ أَكْثِرِ الاِسْتِخَارَةَ لَهُ[39]. وَ تَفَهَّمْ وَصِیَّتی، وَ لاَ تَذْهَبَنَّ عَنْهَا[40] صَفْحاً، فَإِنَّ خَیْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَ. وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لاَ خَیْرَ فی عِلْمٍ لاَ یَنْفَعُ، وَ لاَ یُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ لاَ یَحِقُّ تَعَلُّمَهُ. أَیْ بُنَیَّ، إِنّی لَمَّا رَأَیْتُكَ[41] قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً، وَ رَأَیْتُنی أَزْدَادُ[42] وَهْناً، بَادَرَتُ بِوَصِیَّتی إِلَیْكَ، [صفحه 952] وَ أَرَدْتُ[43] خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ یَعْجَلَ بی أَجَلی دُونَ أَنْ أُفْضِیَ إِلَیْكَ بِمَا فی نَفْسی، أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فی رَأْیی كَمَا نُقِصْتُ فی جِسْمی، أَوْ أَنْ یَسْبِقَنی إِلَیْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوی وَ فِتَنِ الدُّنْیَا، فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ. وَ إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالأَرْضِ الْخَالِیَةِ مَا أُلْقِیَ فیهَا مِنْ شَیْ ءٍ إِلاَّ[44] قَبِلَتْهُ. فَبَادَرْتُكَ[45] بِالأَدَبِ قَبْلَ أَنْ یَقْسُوَ قَلْبُكَ، وَ یَشْتَغِلَ لُبُّكَ، لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْیِكَ[46] مِنَ الأَمْرِ[47] مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْیَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ، فَتَكُونَ قَدْ كُفیتَ مَؤُونَةَ الطَّلِبَةِ[48]، وَ عُوفیتَ مِنْ عِلاَجِ التَّجْرِبَةِ، فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتیهِ، وَ اسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَیْنَا فیهِ[49]. أَیْ بُنَیَّ، إِنّی وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلی، فَقَدْ نَظَرْتُ فی أَعْمَالِهِمْ، وَ فَكَّرْتُ فی أَخْبَارِهِمْ، وَ سِرْتُ فی آثَارِهِمْ، حَتَّی عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ. بَلْ كَأَنّی بِمَا انْتَهی إِلَیَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلی آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ[50] مِنْ كَدَرِهِ، وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخیلَهُ[51]، وَ تَوَخَّیْتُ لَكَ جَمیلَهُ، وَ صَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ. وَ رَأَیْتُ حَیْثُ عَنَانی مِنْ أَمْرِكَ مَا یَعْنِی الْوَالِدَ الشَّفیقَ، وَ أَجْمَعْتُ عَلَیْهِ مِنْ أَدَبِكَ أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ، وَ مُقْتَبَلُ الدَّهْرِ، ذُو نِیَّةٍ سَلیمَةٍ، وَ نَفْسٍ صَافِیَةٍ. وَ أَنْ أَبْتَدِئَكَ[52] بِتَعْلیمِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَأْویلِهِ، وَ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ وَ أَحْكَامِهِ، وَ حَلاَلِهِ وَ حَرَامِهِ، لاَ أُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلی غَیْرِهِ[53]. [صفحه 953] ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ یَلْتَبِسَ عَلَیْكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فیهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِی الْتَبَسَ عَلَیْهِمْ، فَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ، عَلی مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبیهِكَ لَهُ، أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلی أَمْرٍ لاَ آمَنُ عَلَیْكَ فیهِ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَ رَجَوْتُ أَنْ یُوَفِّقَكَ اللَّهُ فیهِ لِرُشْدِكَ، وَ أَنْ یَهْدِیَكَ لِقَصْدِكَ، فَعَهِدْتُ إِلَیْكَ وَصِیَّتی هذِهِ. وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ[54]، یَا بُنَیَّ، أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَیَّ مِنْ وَصِیَّتی تَقْوَی اللَّهِ، وَ الاِقْتِصَارُ عَلی مَا فَرَضَهُ[55] اللَّهُ عَلَیْكَ، وَ الأَخْذُ بِمَا مَضی عَلَیْهِ الأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ، وَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِكَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ یَدَعُوا أَنْ نَظُرُوا لأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ، وَ فَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ، ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَی الأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا، وَ الإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ یُكَلَّفُوا. فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا كَانُوا عَلِمُوا، فَلْیَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ، لاَ بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ، وَ عُلَقِ[56] الْخُصُومَاتِ. وَ ابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فی ذلِكَ بِالاِسْتِعَانَةِ بِإِلهِكَ، وَ الرَّغْبَةِ إِلَیْهِ فی تَوْفیقِكَ، وَ تَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَوْلَجَتْكَ فی شُبْهَةٍ، أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلی ضَلاَلَةٍ. فَإِذَا أَیْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ، وَ تَمَّ رَأْیُكَ فَاجْتَمَعَ، وَ كَانَ هَمُّكَ فی ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً، فَانْظُرْ فیمَا فَسَّرْتُ لَكَ، وَ إِنْ أَنْتَ لَمْ یَجْتَمِعْ لَكَ رَأْیُكَ عَلی[57] مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ، وَ فَرَاغِ نَظَرِكَ وَ فِكْرِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ الْعَشْوَاءَ، وَ تَتَوَرَّطُ الظَّلْمَاءَ. وَ لَیْسَ طَالِبُ الدّینِ مَنْ خَبَطَ أَوْ خَلَطَ، وَ الإِمْسَاكُ عَنْ[58] ذَلِكَ أَمْثَلُ. فَتَفَهَّمْ، یَا بُنَیَّ، وَصِیَّتی، وَ اعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الْحَیَاةِ، وَ أَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمیتُ، وَ أَنَّ الْمُفْنی هُوَ الْمُعیدُ، وَ أَنَّ الْمُبْتَلی هُوَ الْمُعَافی، وَ أَنَّ الدُّنْیَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلی مَا جَعَلَهَا[59] اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالی[60] عَلَیْهِ مِنَ النَّعْمَاءِ وَ الاِبْتِلاَءِ، وَ الْجَزَاءِ فِی الْمَعَادِ، أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لاَ نَعْلَمُ. فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلی جَهَالَتِكَ بِهِ، فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ خُلِقْتَ جَاهِلاً ثُمَّ [صفحه 954] عَلِمْتَ. وَ مَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الأَمْرِ[61]، وَ یَتَحَیَّرُ فیهِ رَأْیُكَ، وَ یَضِلُّ فیهِ بَصَرُكَ، ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَاعْتَصِمْ بِالَّذی خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ، وَلْیَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ، وَ إِلَیْهِ رَغْبَتُكَ، وَ مِنْهُ شَفَقَتُكَ. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ، أَنَّ أَحَداً لَمْ یُنْبِئْ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ نَبِیُّنَا مُحَمَّدٌ[62] صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَارْضَ بِهِ رَائِداً، وَ إِلَی النَّجَاةِ قَائِداً. فَإِنّی لَمْ آلُكَ نَصیحَةً، وَ إِنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ فِی النَّظَرِ لِنَفْسِكَ، وَ إِنِ اجْتَهَدْتَ، مَبْلَغَ نَظَری لَكَ، لِعِنَایَتی وَ طُولِ تَجْرِبَتی[63]. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ، أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَریكٌ لأَتَتْكَ رُسُلُهُ، وَ لَرَأَیْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ، وَ لَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَ صِفَاتِهِ، وَ لكِنَّهُ إِلهٌ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ[64] كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ. لاَ یُضَادُّهُ فی مُلْكِهِ أَحَدٌ وَ لاَ یُحَاجُّهُ[65]، وَ لاَ یَزُولُ أَبَداً وَ لَمْ یَزَلْ. أَوَّلٌ قَبْلَ الأَشْیَاءِ بِلاَ أَوَّلِیَّةٍ، وَ آخِرٌ بَعْدَ الأَشْیَاءِ بِلاَ نِهَایَةٍ، حَكیمٌ، عَلیمٌ، قَدیمٌ[66]. عَظُمَ عَنْ[67] أَنْ تَثْبُتَ رُبُوبِیَّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلْبٍ أَوْ بَصَرٍ. فَإِذَا أَنْتَ[68] عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا یَنْبَغی لِمِثْلِكَ أَنْ یَفْعَلَهُ فی صِغَرِ خَطَرِهِ، وَ قِلَّةِ مَقْدِرَتِهِ، وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ، وَ عَظیمِ حَاجَتِهِ إِلی رَبِّهِ فی طَلَبِ طَاعَتِهِ، وَ الْخَشْیَةِ[69] مِنْ عُقُوبَتِهِ، وَ الشَّفَقَةِ مِنْ سَخَطِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ[70] لَمْ یَأْمُرْكَ إِلاَّ بِحَسَنٍ، وَ لَمْ یَنْهَكَ إِلاَّ عَنْ قَبیحٍ. یَا بُنَیَّ، إِنّی قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْیَا وَ حَالِهَا، وَ زَوَالِهَا وَ انْتِقَالِهَا بِأَهْلِهَا[71]، وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الآخِرَةِ [صفحه 955] وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ[72] لأَهْلِهَا فیهَا، وَ ضَرَبْتُ لَكَ فیهِمَا الأَمْثَالَ، لِتَعْتَبِرَ بِهَا، وَ تَحْذُوَ عَلَیْهَا. إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ[73] الدُّنْیَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَابِهِمْ مَنْزِلٌ جَدیبٌ، فَأَمُّوا مَنْزِلاً خَصیباً وَ جَنَاباً مَریعاً، فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ الطَّریقِ، وَ فِرَاقَ الصَّدیقِ، وَخْشُونَةَ السَّفَرِ، وَ جُشُوبَةَ الْمَطْعَمِ، لِیَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ، وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ، فَلَیْسَ یَجِدُونَ لِشَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً، وَ لاَ یَرَوْنَ نَفَقَةً فیهِ مَغْرَماً، وَ لاَ شَیْ ءَ أَحَبُّ إِلَیْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ، وَ أَدْنَاهُمْ مِنْ مَحَلِّهِمْ[74]. وَ مَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بَمَنْزِلٍ خَصیبٍ، فَنَبَا بِهِمْ إِلی مَنْزِلٍ جَدیبٍ، فَلَیْسَ شَیْ ءٌ أَكْرَهَ إِلَیْهِمْ، وَ لاَ أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ، وَ لاَ أَهْوَلَ لَدَیْهِمْ[75]، مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا فیهِ إِلی مَا یَهْجُمُونَ عَلَیْهِ وَ یَصیرُونَ إِلَیْهِ. ثُمَّ قَرَعْتُكَ بِأَنْوَاعِ الْجَهَالاَتِ لِئَلاَّ تَعُدَّ نَفْسَكَ عَالِماً، فَإِنْ وَرَدَ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ تَعْرِفُهُ أَكْبَرْتَ ذَلِكَ. فَإِنَّ الْعَالِمَ مَنْ عَرَفَ أَنَّ مَا یَعْلَمُ فیمَا لاَ یَعْلَمُ قَلیلٌ، فَعَدَّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ جَاهِلاً، فَازْدَادَ بِمَا عَرَفَ مِنْ ذَلِكَ فی طَلَبِ الْعِلْمِ اجْتِهَاداً، فَمَا یَزَالُ لِلْعِلْمِ طَالِباً، وَ فیهِ رَاغِباً، وَ لَهُ مُسْتَفیداً، وَ لأَهْلِهِ خَاشِعاً، وَ لِرَأْیِهِ مُتَّهِماً، وَ لِلصَّمْتِ لاَزِماً، وَ لِلْخَطَأِ حَاذِراً، وَ مِنْهُ مُسْتَحْیِیاً. وَ إِنْ وَرَدَ عَلَیْهِ مَا لاَ یَعْرِفُ لَمْ یُنْكِرْ ذَلِكَ، لِمَا قَرَّرَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْجَهَالَةِ. وَ إِنَّ الْجَاهِلَ مَنْ عَدَّ نَفْسَهُ لِمَا جَهِلَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ لِلْعِلْمِ عَالِماً، وَ بِرَأْیِهِ مُكْتَفِیاً، فَمَا یَزَالُ لِلْعُلَمَاءِ مُبَاعِداً[76]، وَ عَلَیْهِمْ زَارِیاً، وَ لِمَنْ خَالَفَهُ مُخَطِّئاً، وَ لِمَا لَمْ یَعْرِفْ مِنَ الأُمُورِ مُضَلِّلاً. فَإِذَا وَرَدَ عَلَیْهِ مِنَ الأُمُورِ مَا لاَ یَعْرِفُهُ أَنْكَرَهُ وَ كَذَّبَ بِهِ، وَ قَالَ بِجَهَالَتِهِ: مَا أَعْرِفُ هذَا. وَ مَا أَرَاهُ كَانَ. وَ مَا أَظُنُّ أَنْ یَكُونَ. وَ أَنَّی كَانَ. وَ ذَلِكَ لِثِقَتِهِ بِرَأْیِهِ، وَ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بَجَهَالَتِهِ. فَمَا یَنْفَكُّ بِمَا یَری مِمَّا یَلْتَبِسُ عَلَیْهِ بِرَأْیِهِ[77] مِمَّا لاَ یَعْرِفُ لِلْجَهْلِ مُسْتَفیداً، وَ لِلْحَقِّ مُنْكِراً، وَ فِی الْجَهَالَةِ مُتَحَیِّراً، وَ فِی اللَّجَاجَةِ مُتَجَرِّئاً، وَ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مُسْتَكْبِراً[78]. [صفحه 956] یَا بُنَیَّ، تَفَهَّمُ وَصِیَّتی وَ[79] اجْعَلْ نَفْسَكَ میزَاناً فیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ غَیْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَیْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَ اكْرهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَ لاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَ أَحْسِنْ إِلی جَمیعِ النَّاسِ[80] كَمَا تُحِبُّ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْكَ، وَ اسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَیْرِكَ، وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ. وَ أَخْلِصْ للَّهِ عَمَلَكَ وَ عِلْمَكَ، وَ حُبَّكَ وَ بُغْضَكَ، وَ أَخْذَكَ وَ تَرْكَكَ، وَ كَلاَمَكَ وَ صَمْتَكَ[81]. وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ، بَلْ[82] وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ یُقَالَ لَكَ. [ وَ ] لاَ تَسْأَلْ عَمَّا لاَ یَكُونُ[83]، فَفِی الَّذی قَدْ كَانَ لَكَ شُغُلٌ. إِذَا حُیّیتَ بِتَحِیَّةٍ فَحَیِّ بِأَحْسَنَ مِنْهَا، وَ إِذَا أُسْدِیَتْ إِلَیْكَ یَدٌ فَكَافِئْهَا بِمَا یُرْبی عَلَیْهَا، وَ الْفَضْلُ مَعَ ذَلِكَ لِلْبَادِئِ. وَ حَسِّنْ مَعَ جَمیعِ النَّاسِ خُلْقَكَ حَتَّی إِذَا غِبْتَ عَنْهُمْ حَنُّوا إِلَیْكَ، وَ إِذَا مِتَّ بَكَوْا عَلَیْكَ وَ قَالُوا: إِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ، وَ لاَ تَكُنْ مِنَ الَّذینَ یُقَالُ عِنْدَ مَوْتِهِمْ: اَلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمینَ[84]. [ فَإِنَّ ] أَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الإِخْوَانِ، وَ أَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَیَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ. وَ اعْلَمْ أَنَّ رَأْسَ الْعَقْلِ بَعْدَ الإیمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُدَارَاةُ النَّاسِ، وَ لاَ خَیْرَ فیمَنْ لاَ یُعَاشِرُ بِالْمَعْرُوفِ مَنْ لاَبُدَّ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ حَتَّی یَجْعَلَ اللَّهُ إِلَی الْخَلاَصِ مِنْهُ سَبیلاً. فَإِنّی وَجَدْتُ جَمیعَ مَا یَتَعَایَشُ بِهِ النَّاسُ وَ بِهِ یَتَعَاشَرُونَ مِلْ ءَ مِكْیَالٍ، ثُلُثَاهُ اسْتِحْسَانٌ، وَ ثُلُثُهُ تَغَافُلٌ. وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَیْئاً أَحْسَنَ مِنَ الْكَلاَمِ، وَ لاَ أَقْبَحَ مِنْهُ، فَبِالْكَلاَمِ ابْیَضَّتِ الْوُجُوهُ، [صفحه 957] وَ بِالْكَلاَمِ اسْوَدَّتِ الْوُجُوهُ. وَ اعْلَمْ أَنَّ[85] الْكَلاَمَ فی وَثَاقِكَ مَا لَمْ تَتَكَلَّمُ بِهِ، فَإِنْ تَكَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فی وَثَاقِهِ. [ وَ ] إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلاَمُ، فَاخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَ وَرِقَكَ[86]، فَإِنَّ[87] اللِّسَانَ سَبُعٌ[88]، فَإِنْ خُلِّیَ عَنْهُ[89] عَقَرَ، وَ الْغَضَبُ شَرٌّ إِنْ أَطَعْتَهُ دَمَّرَ[90]. لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَ قَلْبُ الأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ. دَعِ الْكَلاَمَ فیمَا لاَ یَعْنیكَ وَ فی غَیْرِ مَوْضِعِهِ، فَ[91] رُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً، وَ جَلَبَتْ نِقْمَةً، وَ رُبَّ لَفْظَةٍ أَتَتْ عَلی مُهْجَةٍ. مَنْ سَیَّبَ عُذَارَهُ قَادَهُ إِلی كُلِّ كَریهَةٍ وَ فَضیحَةٍ، ثُمَّ لَمْ یَخْلُصْ مِنْ وَهْدِهِ[92] إِلاَّ عَلی مَقْتٍ مِنَ اللَّهِ وَ ذَمٍّ مِنَ النَّاسِ[93]. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ[94]، أَنَّ الاِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ، وَ آفَةُ الأَلْبَابِ، [ وَ ] یَمْنَعُ مِنَ الاِزْدِیَادِ، فَاسْعَ فی كَدْحِكَ، وَ أَنْفِقْ مِنْ خَیْرِكَ[95]، وَ لاَ تَكُنْ خَازِناً لِغَیْرِكَ. وَ إِذَا أَنْتَ هُدیتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ. [صفحه 958] لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَلیلِ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ، وَ لاَ تَسْتَكْثِرَنَّ الْكَثیرَ مِنْ نَوَالِكَ فَإِنَّكَ أَكْثَرُ مِنْهُ[96]. یَا بُنَیَّ، هَوِّنْ عَلَیْكَ، فَإِنَّ[97] الأَمْرُ قَریبٌ، وَ الْمُقَامَ یَسیرٌ، وَ[98] الرَّحیلُ وَ شیكٌ، وَ الاِصْطِحَابُ قَلیلٌ. أَیْ بُنَیَّ[99]، لاَ تُخَلِّفَنَّ وَرَاءَكَ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا، فَإِنَّكَ تُخَلِّفُهُ لأَحَدِ رَجُلَیْنِ: إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فیهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[100] فَسَعِدَ بِمَا شَقیتَ بِهِ. وَ إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فیهِ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[101] فَشَقِیَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ، فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلی مَعْصِیَتِهِ. وَ لَیْسَ أَحَدُ هذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ حَقیقاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلی نَفْسِكَ، وَ تَحْمِلَهُ عَلی ظَهْرِكَ. یَا بُنَیَّ[102]، إِنَّ أَعْظَمَ الْحَسَرَاتِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَسْرَةُ رَجُلٍ كَسَبَ مَالاً فی غَیْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، فَوَرَّثَهُ رَجُلاً[103] فَأَنْفَقَهُ فی طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَدَخَلَ بِهِ الْجَنَّةَ، وَ دَخَلَ الأَوَّلُ بِهِ النَّارَ. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ[104]، أَنَّ أَمَامَكَ طَریقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعیدَةٍ، وَ مَشَقَّةٍ شَدیدَةٍ، وَ إِنَّهُ لاَ غِنی بِكَ فیهِ عَنْ حُسْنِ الاِرْتِیَادِ، وَ قَدْرِ بَلاَغِكَ[105] مِنَ الزَّادِ، مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ، فَلاَ تَحْمِلَنَّ عَلی ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ، [صفحه 959] فَیَكُونَ ثِقْلُ ذَلِكَ وَ بَالاً عَلَیْكَ فی حَشْرِكَ وَ نَشْرِكَ، فَ[106] بِئْسَ الزَّادُ إِلَی الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَی الْعِبَادِ. وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ[107] مَنْ یَحْمِلُ لَكَ[108] زَادَكَ إِلی یَوْمِ الْقِیَامَةِ، فَیُوافیكَ بِهِ غَداً فی مَعَادِكَ[109] حَیْثُ تَحْتَاجُ إِلَیْهِ، فَاغْتَنِمْهُ وَ حَمِّلْهُ إِیَّاهُ. وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْویدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَیْهِ، فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلاَ تَجِدُهُ. وَ اغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فی حَالِ غِنَاكَ، لِیَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ[110] فی یَوْمِ عُسْرَتِكَ. وَ إِیَّاكَ أَنْ تَثِقَ لِتَحْمیلِ زَادِكَ بِمَنْ لاَ وَرَعَ لَهُ وَ لاَ أَمَانَةَ، فَیَكُونُ مَثَلُكَ مَثَلَ ظَمْآنٍ رَأْی سَرَاباً حَتَّی إِذَا جَاءَهُ لَمْ یَجِدْهُ شَیْئاً[111]، فَتَبْقی فِی الْقِیَامَةِ مُنْقَطَعاً بِكَ[112]. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ[113]، أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَؤُوداً، الْمُخِفُّ فیهَا أَحْسَنُ حَالاً مِنَ الْمُثْقِلِ، وَ الْمُبْطِئُ عَلَیْهَا أَقْبَحُ أَمْراً مِنَ الْمُسْرِعِ، وَ أَنَّ مَهْبِطَهَا بِكَ[114]، لاَ مَحَالَةَ إِمَّا عَلی جَنَّةٍ أَوْ عَلی نَارٍ. فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ، وَ وَطِّئِ الْمَنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ، فَلَیْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ، وَ لاَ إِلَی الدُّنْیَا مُنْصَرَفٌ. وَ اعْلَمْ أَنَّ الَّذی بِیَدِهِ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ، [ وَ ] مَلَكُوتُ الدُّنْیَا وَ الآخِرَةِ[115]، قَدْ أَذِنَ لَكَ فِی الدُّعَاءِ، وَ تَكَفَّلَ لَكَ بِالإِجَابَةِ، وَ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِیُعْطِیَكَ، وَ تَطْلُبَ إِلَیْهِ لِیُرْضِیَكَ[116]، وَ تَسْتَرْحِمَهُ لِیَرْحَمَكَ، وَ هُوَ رَحیمٌ كَریمٌ[117]. وَ لَمْ یَجْعَلْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ مَنْ یَحْجُبُكَ عَنْهُ[118]، وَ لَمْ یُلْجِئْكَ إِلی مَنْ یَشْفَعُ لَكَ إِلَیْهِ، وَ لَمْ یَمْنَعْكَ [صفحه 960] إِنْ أَسَأْتَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَ لَمْ یُعَاجِلْكَ بِالنِّقْمَةِ، وَ لَمْ یُعَیِّرْكَ بِالاِنَابَةِ، وَ لَمْ یَفْضَحْكَ حَیْثُ الْفَضیحَةُ بِكَ أَوْلی[119]، وَ لَمْ یُشَدِّدْ عَلَیْكَ فی قَبُولِ الإِنَابَةِ[120]، وَ لَمْ یُنَاقِشْكَ بِالْجَریمَةِ، وَ لَمْ یُؤْیِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ. بَلْ جَعَلَ نُزُوعَكَ عَنِ الذَّنْبِ حَسَنَةً، وَ تَوْبَتَكَ التَّوَرُّعَ مِنَ[121] الذَّنْبِ[122]، وَ حَسَبَ سَیِّئَتَكَ وَاحِدَةً، وَ حَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً، وَ فَتَحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ، فَإِذَا نَادَیْتَهُ، سَمِعَ نِدَاكَ، وَ إِذَا نَاجَیْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ. فَأَفْضَیْتَ إِلَیْهِ بِحَاجَتِكَ، وَ أَبْثَثْتَهُ[123] ذَاتَ نَفْسِكَ، وَ شَكَوْتَ إِلَیْهِ هُمُومَكَ، وَ اسْتَكْشَفْتَهُ كُرُوبَكَ، وَ اسْتَعَنْتَهُ عَلی أُمُورِكَ، وَ نَاجَیْتَهُ بِمَا تَسْتَخْفی بِهِ مِنَ الْخَلْقِ مِنْ سِرِّكَ[124]، وَ سَأَلْتَهُ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لاَ یَقْدِرُ عَلی إِعْطَائِهِ غَیْرُهُ، مِنْ زِیَادَةِ الأَعْمَارِ، وَ صِحَّةِ الأَبْدَانِ، وَ سَعَةِ الأَرْزَاقِ. ثُمَّ جَعَلَ فی یَدَیْكَ مَفَاتیحَ خَزَائِنِهِ بِمَا أَذِنَ لَكَ فیهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ، فَمَتی شِئْتَ اسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ نِعْمَتِهُ، وَ اسْتَمْطَرْتَ شَآبیبَ رَحْمَتِهِ، فَأَلْحِحْ بِالْمَسْأَلَةِ، وَ[125] لاَ یُقْنِطَنَّكَ إِبْطَاءُ إِجَابَتِهِ، فَإِنَّ الْعَطِیَّةَ عَلی قَدْرِ الْمَسْأَلَةِ[126]. وَ رُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ الإِجَابَةُ، لِیَكُونَ ذَلِكَ أَعْظَمَ لأَجْرِ السَّائِلِ، وَ أَجْزَلَ لِعَطَاءِ الآمِلِ[127]. وَ رُبَّمَا سَأَلْتَ الشَّیْ ءَ فَلاَ تُؤْتَاهُ وَ أُوتیتَ خَیْراً مِنْهُ عَاجِلاً أَوْ آجِلاً، أَوْ صُرِفَ عَنْكَ لِمَا هُوَ خَیْرٌ لَكَ، فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ فیهِ هَلاَكُ دینِكَ لَوْ أُوتیتَهُ. فَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالی[128] فیمَا یَعْنیكَ مِمَّا[129] یَبْقی لَكَ جَمَالُهُ، وَ یُنْفی عَنْكَ وَ بَالُهُ، فَالْمَالُ لاَ یَبْقی لَكَ وَ لاَ تَبْقی لَهُ. إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی حَاجَةٌ فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلاَةِ عَلی رَسُولِهِ صَلَّی [صفحه 961] اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی أَكْرَمُ مِنَ أَنْ یُسْأَلَ حَاجَتَیْنِ فَیَقْضِیَ إِحْدَاهُمَا وَ یَمْنَعَ الأُخْری. [ وَ ] مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ[130] لِیَفْتَحَ عَلی عَبْدٍ بَابَ الشُّكْرِ وَ یُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الزِّیَادَةِ. وَ لاَ لِیَفْتَحَ عَلی عَبْدٍ بَابَ الدُّعَاءِ وَ یُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الإِجَابَةِ. وَ لاَ لِیَفْتَحَ عَلی عَبْدٍ بَابَ التَّوْبَةِ وَ یُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْمَغْفِرَةِ. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ، أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلآخِرَةِ لاَ لِلدُّنْیَا، وَ لِلْفَنَاءِ لاَ لِلْبَقَاءِ، وَ لِلْمَوْتِ لاَ لِلْحَیَاةِ، وَ أَنَّكَ فی مَنْزِلِ قُلْعَةٍ، وَ دَارِ بُلْغَةٍ، وَ طَریقٍ إِلَی الآخِرَةِ، وَ أَنَّكَ طَریدُ الْمَوْتِ الَّذی لاَ یَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ، وَ لاَ یَفُوتُهُ طَالِبُهُ، وَ لاَ بُدَّ أَنَّهُ یَوْماً[131] مُدْرِكُهُ. فَكُنْ مِنْهُ عَلی حَذَرٍ أَنْ یُدْرِكَكَ وَ أَنْتَ عَلی حَالٍ سَیِّئَةٍ، قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ فیهَا بِالتَّوْبَةِ، فَیَحُولُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ. فَتَفَقَّدْ دینَكَ لِنَفْسِكَ، فَدینُكَ لَحْمُكَ وَ دَمُكَ، وَ لاَ یُنْقِذُكَ غَیْرُهُ[132]. یَا بُنَیَّ، أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَ ذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَیْهِ، وَ تُفْضی بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَیْهِ، وَ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ حَیْثُ تَرَاهُ[133]، حَتَّی یَأْتِیَكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ، وَ شَدَدْتَ لَهُ أَزْرَكَ، وَ لاَ یَأْتِیَكَ بَغْتَةً فَیَبْهَرَكَ، وَ لاَ یَأْخُذَكَ عَلی غِرَّتِكَ. وَ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الآخِرَةِ وَ كَثْرَةِ نَعیمِهَا وَ حُبُورِهَا وَ سُرُورِهَا وَ دَوَامِهَا، وَ كَثْرَةَ صُنُوفِ لَذَّاتِهَا، وَ قِلَّةِ آفَاتِهَا، إِذَا سَلَّمْتَ، وَ فَكِّرْ فی أَلْوَانِ عَذَابِهَا، وَ شِدَّةِ غُمُومِهَا، وَ أَصْنَافِ نَكَالِهَا، إِذَا تَیَقَّنْتَ، فَإِنَّ ذَلِكَ یُزَهِّدُكَ فِی الدُّنْیَا وَ یُصَغِّرُهَا عِنْدَكَ، وَ یُرَغِّبُكَ فِی الآخِرَةِ[134]. وَ إِیَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَری مِنْ إِخْلاَدِ أَهْلِ الدُّنْیَا إِلَیْهَا، وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَیْهَا، فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ[135] عَنْهَا، وَ نَعَتْ[136] هِیَ لَكَ نَفْسَهَا، وَ تَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاویهَا. [صفحه 962] فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلاَبٌ عَاوِیَةٌ، وَ سِبَاعٌ ضَارِیَةٌ، یَهِرُّ بَعْضُهَا عَلی بَعْضِهَا[137]، وَ یَأْكُلُ عَزیزُهَا ذَلیلَهَا، وَ یَقْهَرُ كَبیرُهَا صَغیرَهَا، وَ كَثیرُهَا قَلیلَهَا[138]. نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ، وَ أُخْری مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ أَهْلَهَا[139] عُقُولَهَا، وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا، سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ، لَیْسَ لَهَا رَاعٍ یُقیمُهَا، وَ لاَ مُسیمٌ یُسیمُهَا. سَلَكَتْ بِهِمُ الدُّنْیَا طَریقَ الْعَمی، وَ أَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ وَ[140] مَنَارِ الْهُدی، فَتَاهُوا فی حَیْرَتِهَا، وَ غَرِقُوا فی نِعْمَتِهَا[141]، وَ اتَّخَذُوهَا رَبّاً، فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَ لَعِبُوا بِهَا، وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا. رُوَیْداً حَتَّی[142] یُسْفِرَ الظَّلاَمُ، كَأَنْ، وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ[143]، قَدْ وَرَدَتِ الأَظْعَانُ، یُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ یَلْحَقَ. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ، أَنَّ مَثَلَ الدُّنْیَا كَمَثَلِ الْحَیَّةِ لَیِّنٌ مَسُّهَا، وَ السُّمُّ النَّاقِعُ فی جَوْفِهَا، یَهْوی إِلَیْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ[144]، وَ یَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلِ. [ وَ ] أَهْلُ الدُّنْیَا كَرَكْبٍ یُسَارُ بِهِمْ وَ هُمْ نِیَامٌ. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ، أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِیَّتُهُ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ، فَإِنَّهُ یُسَارُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ وَاقِفاً، وَ یَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وَ إِنْ كَانَ مُقیماً وَادِعاً. [ وَ ] إِذَا كُنْتَ فی إِدْبَارٍ، وَ الْمَوْتُ فی إِقْبَالٍ، فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقی. أَیْ بُنَیَّ، أَبَی اللَّهُ تَعَالی إِلاَّ خَرَابَ الدُّنْیَا وَ عِمَارَةَ الآخِرَةِ.، فَإِنْ تَزْهَدْ فیمَا زَهَّدَكَ اللَّهُ فیهِ، [صفحه 963] وَ تَعْزِفْ نَفْسَكَ عَنْهَا، فَهِیَ أَهْلُ ذَلِكَ. وَ إِنْ كُنْتَ غَیْرَ قَابِلٍ نُصْحی إِیَّاكَ فیهَا فَ[145] اعْلَمْ یَقیناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ، وَ لَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ، وَ أَنَّكَ فی سَبیلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَخَفِّضْ فِی الطَّلَبِ، وَ أَجْمِلْ فِی الْمُكْتَسَبِ، فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلی حَرَبٍ. فَلَیْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ، وَ لاَ كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ. وَ أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِیَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَی الرَّغَائِبِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ دینِكَ وَ عِرْضِكَ وَ[146] نَفْسِكَ عِوَضاً وَ إِنْ جَلَّ، وَ ابْذُلْ فِی الْمَكَارِمِ جُهْدَكَ تَخْلُصْ مِنَ الْمَآثِرِ وَ تُحْرِزِ الْمَكَارِمَ[147]. وَ لاَ تَكُنْ عَبْدَ غَیْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ[148] حُرّاً. وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لاَ غِنی یَعْدِلُ الْجَنَّةَ، وَ لاَ فَقْرَ یَعْدِلُ النَّارَ[149]. وَ مَا خَیْرُ خَیْرٍ لاَ یُنَالُ إِلاَّ بِشَرٍّ، وَ یُسْرٍ لاَ یُنَالُ إِلاَّ بِعُسْرٍ. وَ إِیَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَایَا الطَّمَعِ، فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ. وَ إِنِ اسْتَطْعْتَ أَنْ لاَ یَكُونَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالی[150] ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قِسْمَكَ، وَ آخِذٌ سَهْمَكَ. وَ إِنَّ الیَسیرَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی أَعْظَمُ وَ أَكْرَمُ مِنَ الْكَثیرِ مِنْ خَلْقِهِ، وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ. فَإِنْ نَظَرْتَ، وَ للَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلی، فیمَا تَطْلُبُ مِنَ الْمُلُوكِ وَ مَنْ دُونَهُمْ مِنَ السَّفَلَةِ، لَعَرَفْتَ أَنَّ لَكَ فی یَسیرِ مَا تَطْلُبُ مِنَ الْمُلُوكِ افْتِخَاراً، وَ أَنَّ عَلَیْكَ فی كَثیرِ مَا تُصیبُ مِنَ الدُّنَاةِ عَاراً. فَاقْتَصِدْ فی أَمْرِكَ تَحْمَدْ مَغَبَّةَ عِلْمِكَ أَنَّكَ لَسْتَ بَائِعاً شَیْئاً مِنْ دینِكَ وَ عِرْضِكَ إِلاَّ بِثَمَنٍ. وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ نَصیبَهُ مِنَ اللَّهِ، وَ الْمَحْرُوبُ مَنْ حُرِبَ دینُهُ، وَ الْمَسْلُوبُ مَنْ سُلِبَ یَقینُهُ. فَ[151] خُذْ مِنَ الدُّنْیَا مَا أَتَاكَ، وَ تَوَلَّ عَمَّا تَوَلَّی عَنْكَ. [صفحه 964] فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِی الطَّلَبِ. إِنَّ الطَّمَعَ مُورِدٌ غَیْرُ مُصْدِرٍ، وَ ضَامِنٌ غَیْرُ وَفِیٍّ، وَ رُبَّمَا شَرَقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رَیِّهِ. وَ كُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ الشَّیْ ءِ الْمُتَنَافَسِ فیهِ عَظُمَتِ الرَّزِیَّةُ لِفَقْدِهِ. وَ الأَمَانِیُّ تُعْمی أَعْیُنَ الْبَصَائِرِ. وَ الْحَظُّ یَأْتی مَنْ لاَ یَأْتیهِ. یَا بُنَیَّ، احْفَظْ عَنّی أَرْبَعاً، وَ أَرْبَعاً، لاَ یَضُرُّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ: إِنَّ أَغْنَی الْغِنَی الْعَقْلُ. وَ أَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ. وَ أَوْحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ. وَ أَكْرَمَ الْحَسَبِ حُسْنُ الْخُلْقِ. یَا بُنَیَّ، إِیَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الأَحْمَقِ، فَإِنَّهُ یُجْهِدُ لَكَ نَفْسَهُ وَ لاَ یَنْفَعُكَ، وَ لَرُبَّمَا[152] یُریدُ أَنْ یَنْفَعَكَ فَیَضُرُّكَ. فَسُكُوتُهُ خَیْرٌ لَكَ مِنْ نُطْقِهِ، وَ بُعْدُهُ خَیْرٌ لَكَ مِنْ قُرْبِهِ، وَ مَوْتُهُ خَیْرٌ لَكَ مِنْ حَیَاتِهِ[153]. وَ إِیَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ یَبیعُكَ بِالتَّافِهِ الْمُحْتَقَرِ[154]. وَ إِیَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْبَخیلِ، فَإِنَّهُ یَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ[155] مَا تَكُونُ إِلَیْهِ. وَ إِیَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ، وَ لاَ یَهْنَئُكَ مَعَهُ عَیْشٌ[156]، یُقَرِّبُ عَلَیْكَ الْبَعیدَ، وَ یُبَعِّدُ عَلَیْكَ الْقَریبَ، یَنْقُلُ حَدیثَكَ وَ یَنْقُلُ الْحَدیثَ إِلَیْكَ، كُلَّمَا أَفْنی أُحْدُوثَةً مَطَّهَا بِأُخْری، حَتَّی إِنَّهُ لَیُحَدِّثُ [صفحه 965] بِالصِّدْقِ فَمَا یُصَدَّقُ، وَ یُعْرَفُ بَیْنَ النَّاسِ بِالْعَدَاوَةِ. فَإِنِ اضْطُرِرْتَ إِلَیْهِ فَلاَ تُصَدِّقْهُ، وَ لاَ تُعْلِمْهُ أَنَّكَ تُكَذِّبْهُ، فَإِنَّهُ یَنْتَقِلُ عَنْ وُدِّكَ وَ لاَ یَنْتَقِلُ عَنْ طَبْعِهِ[157]. [ یَا بُنَیَّ، ] لاَ تَصْحَبِ الْمَائِقَ[158] فَإِنَّهُ یُزَیِّنُ لَكَ فِعْلَهُ، وَ یَوَدُّ لَوْ أَنَّكَ[159] تَكُونُ مِثْلَهُ، وَ یُزَیِّنُ لَكَ أَسْوَءَ خِصَالِهِ، وَ مَدْخَلُهُ عَلَیْكَ وَ مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكَ شَیْنٌ وَ عَارٌ. وَ إِیَّاكَ أَنْ تَعْتَمِدَ عَلَی اللَّئیمِ، فَإِنَّهُ یَخْذُلُ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَیْهِ. وَ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الأَشْرَارِ، فَإِنَّهُمْ یَمُنُّونَ عَلَیْكَ بِالسَّلاَمَةِ مِنْهُمْ. وَ إِیَّاكَ وَ مُعَاشَرَةَ مُتَتَبِّعی عُیُوبِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ لَمْ یَسْلَمْ مُصَاحِبُهُمْ مِنْهُمْ. وَ إِیَّاكَ وَ مُقَارَبَةَ[160] مَنْ رَهِبْتَهُ عَلی دینِكَ وَ عِرْضِكَ. وَ تَبَاعَدْ مِنَ السُّلْطَانِ، وَ لاَ تَأْمَنْ خُدَعَ[161] الشَّیْطَانِ. تَقُولُ: مَتی أَری مَا أُنْكِرُ نَزَعْتُ. فَإِنَّهُ هكَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَ قَدْ أَیْقَنُوا بِالْمَعَادِ، فَلَوْ سُمْتَ بَعْضَهُمْ بَیْعَ آخِرَتِهِ بِالدُّنْیَا لَمْ یَطِبْ بِذَلِكَ نَفْساً. ثُمَّ قَدْ یَتَحَیَّلُهُ[162] الشَّیْطَانُ بِخُدَعِهِ وَ مَكْرِهِ، حَتَّی یُوَرِّطَهُ فی هَلَكَةٍ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْیَا یَسیرٍ حَقیرٍ، وَ یَنْقُلَهُ مِنْ شَرٍّ إِلی شَرٍّ حَتَّی یُؤْیِسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ یُدْخِلَهُ فِی الْقُنُوطِ، فَیَجِدُ الْوَجْهَ[163] إِلی مَا خَالَفَ الإِسْلاَمَ وَ أَحْكَامَهُ. فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ إِلاَّ حُبَّ الدُّنْیَا وَ قُرْبَ السُّلْطَانِ، فَخَالَفَتْكَ إِلی مَا نَهَیْتُكَ عَنْهُ مِمَّا فیهِ رُشْدَكَ، [صفحه 966] فَامْلِكْ عَلَیْكَ لِسَانَكَ، فَإِنَّهُ لاَثِقَةَ[164] لِلْمُلُوكِ عِنْدَ الْغَضَبِ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ أَخْبَارِهِمْ، وَ لاَ تَنْطِقْ بِأَسْرَارِهِمْ، وَ لاَ تَدْخُلْ فیمَا بَیْنَهُمْ. یَا بُنَیَّ[165] s، لاَ مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ. وَ لاَ فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ[166]. وَ لاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ[167] مِنَ الْعُجْبِ. وَ لاَ وَاعِظَ أَبْلَغُ مِنَ النُّصْحِ[168]. وَ لاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ. وَ لاَ عَقْلَ كَالتَّدْبیرِ. وَ لاَ كَرَمَ كَالتَّقْوی. وَ لاَ قَرینَ[169] كَحُسْنِ الْخُلْقِ. وَ لا میرَاثَ كَالأَدَبِ. وَ لاَ قَائِدَ كَالتَّوْفیقِ. وَ لاَ تِجَارَةَ كَالعْمَلِ الصَّالِحِ. وَ لاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ. وَ لاَ وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ[170]. وَ لاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِی الْحَرَامِ. وَ لاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ[171]. وَ لاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ. وَ لاَ إِیمَانَ كَالْحَیَاءِ وَ الصَّبْرِ. وَ لاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ. وَ لاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ. وَ لاَ عِزَّ كَالْحِلْمِ، وَ لاَ حِلْمَ كَالصَّبْرِ وَ الصَّمْتِ[172]. [ وَ ] أَوْضَعُ الْعِلْمِ مَا وُقِفَ عَلَی اللِّسَانِ، وَ أَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِی الْجَوَارِحِ وَ الأَرْكَانِ. یَا بُنَیَّ، الْعِلْمُ خَلیلُ الْمَرْءِ، وَ الْعَقْلُ دَلیلُهُ، وَ الْحِلْمُ وَزیرُهُ، وَ الصَّبْرُ مِنْ خَیْرِ جُنُودِهِ، وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ، وَ الْعَمَلُ قَرینُهُ، وَ الْیُسْرُ أَخُوهُ. [صفحه 967] وَ فِی الصَّمْتِ السَّلاَمَةُ مِنَ النَّدَامَةِ[173]، وَ تَلاَفیكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَیْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ فَائِدَةَ[174] مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ. وَ حِفْظُ مَا فِی الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ. وَ اعْلَمُ أَنَّ[175] حِفْظُ مَا فی یَدَیْكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ طَلَبِ مَا فی یَدَی غَیْرِكَ. كُنْ سَمِحاً وَ لاَ تَكُنْ مُبَذِّراً، وَ كُنْ مُقَدِّراً، وَ لاَ تَكُنْ مُقَتِّراً. وَ حُسْنُ التَّدْبیرِ مَعَ الْكَفَافِ خَیْرٌ لَكَ مِنَ الْكَثیرِ مَعَ الاِسْرَافِ[176]. فَوْتُ الْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلی غَیْرِ أَهْلِهَا، وَ مَرَارَةُ الْیَأْسِ خَیْرٌ مِنَ الطَّلَبِ[177] إِلَی النَّاسِ. وَ مُدَاوَمَةُ الْوَحْدَةِ أَسْلَمُ مِنْ خِلْطَةِ النَّاسِ. وَ لاَ تُحَدِّثْ إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ، فَتَكُونَ كَذَّاباً. وَ الْكَذِبُ ذُلٌّ، فَجَانِبْهُ وَ أَهْلَهُ. یَا بُنَیَّ[178]، الْحُرْفَةُ مَعَ الْعِفَّةِ[179] خَیْرٌ لَكَ[180] مِنَ الْغِنی مَعَ الْفُجُورِ. وَ الْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّهِ. وَ رُبَّ سَاعٍ فیمَا یَضُرُّهُ. مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ، وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ. [صفحه 968] وَ مِنْ خَیْرِ حَظِّ الْمَرْءِ الْقَرینُ الصَّالِحُ، فَ[181] قَارِنْ أَهْلَ الْخَیْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ، وَ بَایِنْ أَهْلَ الشَّرِّ وَ مَنْ یَصُدُّكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرِ الْمَوْتِ بِالأَبَاطیلِ الْمُزَخْرَفَةِ وَ الأَرَاجیفِ الْمُلَفَّقَةِ[182]، تَبِنْ عَنْهُمْ. أُحْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَیْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ. وَضَعْ أَمْرَ أَخیكَ عَلی أَحْسَنِهِ حَتَّی یَأْتِیَكَ مِنْهُ مَا یَغْلِبُكَ[183]. لاَ تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ[184] سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِی الْخَیْرِ مُحْتَمَلاً[185]. لاَ یَغْلِبَنَّ عَلَیْكَ سُوءُ الظَّنِّ فَإِنَّهُ لاَ یَدَعُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ خَلیلٍ صُلْحاً. وَ عَلَیْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَأَكْثِرْ فِی اكْتِسَابَهُمْ، فَإِنَّهُمْ عُدَّةٌ عِنْدَ الرَّجَاءِ[186]، وَ جُنَّةٌ عِنْدَ الْبَلاَءِ. وَ شَاوِرْ فی حَدیثِكَ الَّذینَ یَخَافُونَ اللَّهَ. وَ أَحْبِبِ الإِخْوَانَ عَلی قَدْرِ التَّقْوی[187]. إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فیهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ[188] تَوَقّیهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ[189]، [ وَ ] الاِحْجَامُ عَنِ الأَمْرِ یُورِثُ الْعَجْزَ، وَ الاِقْدَامُ عَلَیْهِ یُورِثُ اجْتِلاَبَ الْحَظِّ[190]. [صفحه 969] لاَ تَدْعُوَنَّ أَحَداً[191] إِلی مُبَارَزَةٍ، وَ إِنْ دُعیتَ إِلَیْهَا فَأَجِبْ، فَإِنَّ الدَّاعِیَ إِلَیْهَا بَاغٍ، وَ الْبَاغِیَ مَصْرُوعٌ. مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ الْغَضَبِ للَّهِ سُبْحَانَهُ[192] قَوِیَ عَلی قَتْلِ أَشِدَّاءِ[193] الْبَاطِلِ. بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ، وَ بِئْسَ الْقُوتُ أَكْلُ مَالِ الأَیْتَامِ، وَ بِئْسَتِ الْقِلاَدَةُ قِلاَدَةُ الآثَامِ[194]. وَ ظُلْمُ الضَّعیفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ، وَ ظُلْمُ الْمُسْتَسْلِمِ أَعْظَمُ الْجُرْمِ[195]. لِلظَّالِمِ الْبَادِئِ غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ، وَ لِلْمُسْتَحْلی لَذَّةَ الدُّنْیَا غُصَّةٌ، وَ لِلأَخِلاَّءِ نَدَامَةٌ إِلاَّ الْمُتَّقینَ. وَ الْفَاحِشَةُ كَاسْمِهَا. وَ التَّصَبُّرُ عَلَی الْمَكْرُوهِ یَعْصِمُ الْقَلْبَ. وَ[196] إِذَا كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً. إِمْشِ بِدَائِكَ مَا مَشی بِكَ. رُبَّمَا كَانَ الدَّوَاءُ دَاءً، وَ الدَّاءُ دَوَاءً، وَ رُبَّمَا نَصَحَ غَیْرُ النَّاصِحِ، وَ غَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ. وَ إِیَّاكَ وَ الاِتِّكَالُ[197] عَلَی الْمُنی، فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكی، وَ تَثْبیطٌ عَنْ خَیْرِ الآخِرَةِ وَ الدُّنْیَا[198]. اَلْعِلْمُ مَقْرُونٌ بِالْعَمَلِ، فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ. [صفحه 970] وَ الْعِلْمُ یَهْتِفُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ أَجَابَهُ وَ إِلاَّ ارْتَحَلَ عَنْهُ. الْحِلْمُ غِطَاءٌ سَاتِرٌ، وَ الْعَقْلُ حُسَامٌ قَاطِعٌ، فَاسْتُرْ خَلَلَ خُلْقِكَ بِحِلْمِكَ، وَ قَاتِلْ هَوَاكَ بِعَقْلِكَ، تسْلَمْ لَكَ الْمَوَّدَةُ، وَ تَظْهَرْ لَكَ الْمَحَبَّةُ. أَفْضَلُ رِدَاءٍ یُرْتَدی بِهِ الْحِلْمُ، فَ[199] إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلیماً فَتَحَلَّمْ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلاَّ أَوْشَكَ أَنْ یَكُونَ مِنْهُمْ. وَ إِیَّاكَ وَ الْعُجْبَ وَ سُوءَ الْخُلْقِ وَ قِلَّةَ الصَّبْرِ، فَإِنَّهُ لاَ یَسْتَقیمُ لَكَ عَلی هذِهِ الْخِصَالِ الثَّلاَثِ صَاحِبٌ، وَ لاَ یَزَالُ لَكَ عَلَیْهَا مِنَ النَّاسِ مُجَانِبٌ، وَ أَلْزِمْ نَفْسَكَ التَّوَدُّدَ، وَ صَبِّرْ عَلی مَؤُونَاتِ النَّاسِ نَفْسَكَ. إِسْتَشِرْ أَعْدَاءَكَ تَعْرِفْ مِنْ رَأْیِهِمْ مِقْدَارَ عَدَاوَتِهِمْ، وَ مَوَاضِعَ مَقَاصِدِهِمْ. وَ ابْذُلْ لأَخیكَ دَمَكَ وَ مَالَكَ، وَ لِصَدیقِكَ نُصْحَكَ، وَ لِمَعَارِفِكَ مَعُونَتَكَ، وَ لِلْعَامَّةِ[200] بِشْرَكَ وَ مَحَبَّتَكَ، وَ لِعَدُوِّكَ عَدْلَكَ وَ إِنْصَافَكَ. لاَ تَجْعَلْ عِرْضَكَ غَرَضاً لِقَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ، وَاضْنُنْ بِدینِكَ وَ عِرْضِكَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لِدینِكَ وَ دُنْیَاكَ. ذَكِّ قَلْبَكَ بِالأَدَبِ كَمَا تُذَكَّی النَّارُ بِالْحَطَبِ، فَنِعْمَ الْعَوْنُ الأَدَبُ لِلْخِبْرَةِ، وَ التَّجَارِبُ لِذِی اللُّبِّ[201]. وَ رَأْسُ[202] الْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ، وَ خَیْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ، وَ خَیْرُ الأُمُورِ مَا أَصْلَحَكَ. وَ لاَ تَكُنْ، فیمَا تُورِدُ، كَحَاطِبِ اللَّیْلِ وَ غُثَاءِ السَّیْلِ. نِعْمَ الْمُوَازَرَةُ الْمُشَاوَرَةُ، وَ بِئْسَ الاِسْتِعْدَادُ الاِسْتِبْدَادُ. لاَ تَسْتَبِدَّ بِرَأْیِكَ فَ[203] مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْیِهِ هَلَكَ، وَ لاَ تَتَّبِعِ الْهَوی فَمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ ارْتَبَكَ[204]. [صفحه 971] وَ مَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فی عُقُولِهَا. أُضْمُمْ آرَاءَ الرِّجَالِ بَعْضَهَا إِلی بَعْضٍ، ثُمَّ اخْتَرْ أَقْرَبَهَا إِلَی الصَّوَابِ، وَ أَبْعَدَهَا عَنِ الاِرْتِیَابِ. لاَ تُنَالُ نِعْمَةٌ إِلاَّ بَعْدَ أَذی. وَ اعْلَمْ أَنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ، وَ صُحْبَةَ الْجَاهِلِ[205] شُؤْمٌ. مِنَ الْكَرَمِ لینُ الْكَلاَمِ[206]. [ وَ ] الْحِدَّةُ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ، لأَنَّ صَاحِبَهَا یَنْدَمُ، فَإِنْ لَمْ یَنْدَمْ فَجُنُونُهُ مُسْتَحْكَمٌ. یَا بُنَیَّ[207]، لِلْمُؤْمِنِ ثَلاَثُ سَاعَاتٍ: فَسَاعَةٌ یُنَاجی فیهَا رَبَّهُ. وَ سَاعَةٌ یَرُمُّ فیهَا مَعَاشَهُ. وَ سَاعَةٌ یُخَلّی بَیْنَ نَفْسِهِ وَ بَیْنَ لَذَّتِهَا فیمَا یَحِلُّ وَ یَجْمُلُ. وَ لَیْسَ[208] لِلْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ شَاخِصاً إِلاَّ فی ثَلاَثٍ: مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ. أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ[209] أَوْ لَذَّةٍ فی غَیْرِ مُحَرَّمٍ. وَ اعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ ظَاهِرٍ بَاطِناً عَلی مِثَالِهِ، فَمَا طَابَ ظَاهِرُهُ طَابَ بَاطِنُهُ، وَ مَا خَبُثَ ظَاهِرُهُ خَبُثَ بَاطِنُهُ. وَ قَدْ قَالَ الرَّسُولُ الصَّادِقُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْعَبْدَ وَ یُبْغِضُ عَمَلَهُ، وَ یُحِبُّ الْعَمَلَ وَ یُبْغِضُ بَدَنَهُ. وَ اعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ نَبَاتاً، وَ كُلُّ نَبَاتٍ لاَ غِنی لَهُ عَنِ الْمَاءِ. [صفحه 972] وَ الْمِیَاهُ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا طَابَ سَقْیُهُ طَابَ غَرْسُهُ، وَ حَلَتْ ثَمَرَتُهُ، وَ مَا خَبُثَ سَقْیُهُ خَبُثَ غَرْسُهُ، وَ أَمَرَّتْ ثَمَرَتُهُ. یَا بُنَیَّ[210]، بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَةً، وَ بَادِرِ الْبِرَّ فَإِنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ فُرْصَةٌ. وَ[211] الظَّفَرُ بِالْحَزْمِ، وَ الْحَزْمُ بِإِجَالَةِ الرَّأْیِ، وَ الرَّأْیُ بِتَحْصینِ الأَسْرَارِ. وَ اعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْحَزْمِ الْعَزْمُ، وَ مِنْ سَبَبِ الْحِرْمَانِ التَّوَانی، وَ[212] لَیْسَ كُلُّ طَالِبٍ یُصیبُ، وَ لاَ كُلُّ غَائِبٍ یَؤُوبُ. وَ إِنَّ[213] مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ، وَ مِنَ الشَّقَاءِ[214] مَفْسَدَةُ الْمَعَادِ. وَ لِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ حُلْوَةٌ أَوْ مُرَّةٌ. وَ لاَ تَدَعِ الطَّلَبَ فیمَا یَحِلُّ وَ یَطیبُ، فَلاَ بُدَّ مِنْ بُلْغَةٍ، وَ[215] سَوْفَ یَأْتیكَ مَا قُدِّرَ[216] لَكَ. [ وَ ] التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ. خُذْ بِالْفَضْلِ، وَ أَحْسِنْ فِی الْبَذْلِ، وَ قُلْ لِلنَّاسِ حُسْناً[217]. وَ رُبَّ یَسیرٍ أَنْمی مِنْ كَثیرٍ. لاَ خَیْرَ فی مُعینٍ مَهینٍ، وَ لاَ فی صَدیقٍ ظَنینٍ[218]. یَا بُنَیَّ، احْلَمْ فَإِنَّ مَنْ حَلُمَ سَادَ، وَ مَنْ تَفَهَّمَ ازْدَادَ، وَ مَنْ سَأَلَ اسْتَفَادَ. [صفحه 973] وَ الْقَ أَهْلَ الْخَیْرِ، فَإِنَّ لِقَاءَ أَهْلِ الْخَیْرِ عِمَارَةُ الْقَلْبِ[219]. سَاهِلِ الدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُهُ. إِتَّقِ اللَّهَ بَعْضَ التُّقی وَ إِنْ قَلَّ، وَ اجْعَلْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ سِتْراً وَ إِنْ رَقَّ. وَ إِنْ قَارَفْتَ سَیِّئَةً فَعَاجِلْ مَحْوَهَا بِالتَّوْبَةِ[220]. [ وَ ] تَرْكُ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ. [ وَ ] سَیِّئَةٌ تَسُؤْكَ خَیْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ حَسَنَةٍ تُعْجِبُكَ. أَدِّ الأَمَانَةَ إِلی مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَ لاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ[221]، وَ لاَ تَشِنْ عَدُوِّكَ وَ إِنْ شَانَكَ، وَ لاَ تُذِعْ سِرَّهُ وَ إِنْ أَذَاعَ سِرَّكَ. ثَمَرَةُ الْعَقْلِ الاِسْتِقَامَةُ، وَ[222] ثَمَرَةُ التَّفْریطِ النَّدَامَةُ[223]، وَ ثَمَرَةُ الْحَزْمِ السَّلاَمَةُ. وَ مِنَ الْفِقْهِ كِتْمَانُ السِّرِّ، و لَقَاحُ الْمَعْرِفَةِ دِرَاسَةُ الْعِلْمِ، وَ طُولُ التَّجَارِبِ زِیَادَةٌ فِی الْعَقْلِ[224]. الاِسْتِغْنَاءُ عَنِ الْعُذْرِ أَعَزُّ مِنَ الصِّدْقِ بِهِ. وَ لاَ تُخَاطِرْ بِشَیْ ءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ. وَ إِیَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِیَّةُ اللَّجَاجِ، [ فَإِنَّ ] اللَّجَاجَةَ تَسُلُّ[225] الرَّأْیَ. [صفحه 974] وَ الطَّمَعُ رِقٌّ مُخَلَّدٌ، وَ الْحِرْصُ عَنَاءٌ[226] مُؤَبَّدٌ، وَ الْیَأْسُ عِتْقٌ مُجَدَّدٌ. وَ أَحْسَنُ كَلِمَةِ حُكْمٍ جَامِعَةٍ: أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَ تَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لَهَا. إِنَّكَ قَلَّ مَا تَسْلَمُ مِمَّنْ تَسَرَّعْتَ إِلَیْهِ، وَ كَثیراً مَا یَحْمَدُ مَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَیْهِ[227]. أَكْبَرُ الْعَیْبِ أَنْ تَعیبَ مَا فیكَ مِثْلُهُ. یَا بُنَیَّ، لاَبُدَّ لِلْعَاقِلِ مِنْ أَنْ یَنْظُرَ فی شَأْنِهِ، فَلْیَحْفَظْ فَرْجَهُ وَ لِسَانَهُ، وَ لْیَعْرِفْ أَهْلَ زَمَانِهِ. وَ اعْلَمْ أَنَّ[228] قَدْرَ الرَّجُلِ عَلی قَدْرِ هِمَّتِهِ، وَ صِدْقَهُ عَلی قَدْرِ مُرُوءَتِهِ، وَ شَجَاعَتَهُ عَلی قَدْرِ أَنَفَتِهِ، وَ عِفَّتَهُ عَلی قَدْرِ غَیْرَتِهِ. إِنَّ مِنْ أَشْرَفِ الشِّیَمِ الْوَفَاءُ بِالذِّمَمِ، وَ مِنَ الكَرَمِ صِلَةُ الرَّحِمِ، وَ الدَّفْعُ عَنِ الْحُرَمِ[229]. أَوْلَی النَّاسِ بِالْكَرَمِ مَنْ عُرِفَتْ بِهِ الْكِرَامُ. وَ الصُّدُودُ آیَةُ الْمَقْتِ، وَ كَثْرَةُ التَّعَلُّلِ آیَةُ الْبُخْلِ. وَ بَعْضُ إِمْسَاكِكَ عَلی أَخیكَ مَعَ لُطْفٍ خَیْرٌ مِنْ بَذْلٍ مَعَ عُنْفٍ[230]. وَ مَنْ یَرْجُوكَ أَوْ یَثِقُ بِصِلَتِكَ، إِذَا قَطَعْتَ صِلَةَ قَرَابَتِكَ؟. وَ التَّجَرُّمُ وَجْهُ الْقَطیعَةِ[231]. [ وَ ] الْحِلْمُ عَشیرَةٌ. إِحْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخیكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَی الصِّلَةِ، وَ عِنْدَ صُدُودِهِ عَلَی اللَّطَفِ وَ الْمُقَارَبَةِ، [صفحه 975] وَ عِنْدَ جُمُودِهِ[232] عَلَی الْبَذْلِ، وَ عِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَی الدُّنُوِّ، وَ عِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَی اللّینِ، وَ عِنْدَ جُرْمِهِ[233] عَلَی الْعُذْرِ[234]. وَ كُنْ لِلَّذی یَبْدُو مِنْهُ حَمُولاً، وَ لَهُ وَصُولاً[235]، حَتَّی كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ، وَ كَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَلَیْكَ، وَ إِیَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فی غَیْرِ مَوْضِعِهِ، أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَیْرِ أَهْلِهِ. أَصْدِقَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ، وَ أَعْدَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ. فَأَصْدِقَاؤُكَ: صَدیقُكَ، وَ صَدیقُ صَدیقِكَ، وَ عَدُوُّ عَدُوِّكَ. وَ أَعْدَاؤُكَ: عَدُوُّكَ، وَ عَدُوُّ صَدیقِكَ، وَ صَدیقُ عَدُوِّكَ. وَ لاَ تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدیقِكَ صَدیقاً فَتُعَادی صَدیقَكَ. وَ لاَ تَعْمَلْ بِالْخَدیعَةِ فَإِنَّهَا خُلُقُ اللَّئیمِ[236]. وَ امْحَضْ أَخَاكَ النَّصیحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبیحَةً، وَ سَاعِدْهُ عَلی كُلِّ حَالٍ، وَ زُلْ مَعَهُ حَیْثُمَا زَالَ. مَا لَمْ یَحْمِلْكَ عَلی مَعْصِیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ[237]. عَاتِبْ أَخَاكَ بِالاِحْسَانِ إِلَیْهِ، وَ ارْدُدْ شَرَّهُ بِالاِنْعَامِ عَلَیْهِ، وَ لاَ تَطْلُبَنَّ مُجَازَاةِ أَخیكَ وَ إِنْ حَثَا التُّرَابَ بِفیكَ. وَ تَسَلَّمْ مِنَ النَّاسِ بِحُسْنِ الْخُلْقِ[238]. وَ تَجَرَّعِ الْغَیْظَ، فَإِنّی لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلی مِنْهَا عَاقِبَةً، وَ لاَ أَلَذَّ مَغَبَّةً، وَ لاَ أَدْفَعَ بِسُوءِ أَدَبٍ، وَ لاَ أَعْوَنَ عَلی دَرْكِ مَطْلَبٍ. وَ تَجَرَّعْ مَضَضَ الْحِلْمَ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْحِكْمَةِ وَ ثَمَرَةُ الْعِلْمِ. [صفحه 976] وَ لاَ تَصْرِمْ أَخَاكَ عَلَی ارْتِیَابٍ، وَ لاَ تَهْجُرْهُ[239] دُونَ اسْتِعْتَابٍ، [ فَ ] لَعَلَّ لَهُ عُذْرٌ وَ أَنْتَ تَلُومُ. إِقْبَلْ مِنْ مُتَنَصِّلٍ عُذْرَهُ فَتَنَالُكَ الشَّفَاعَةُ. وَ أَكْرِمِ الَّذینَ بِهِمْ نَصْرُكَ، وَ ازْدَدْ لَهُمْ عَلی طُولِ الصُّحْبَةِ بَرّاً وَ إِكْرَاماً وَ تَبْجیلاً. وَ أَكْثِرِ الْبِرَّ مَا اسْتَطَعْتَ لِجَلیسِكَ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ رَأَیْتَ رُشْدَهُ[240]. وَ لِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَلینَ لَكَ، وَ تَظْفَرَ بِطَلِبَتِكَ[241]. وَ خُذْ عَلی عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ أَحْلَی[242] الظَّفَرَیْنِ[243]. [ وَ ] إِذَا قَدَرْتَ عَلی عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَیْهِ، [ فَإِنَّ ] أَوْلَی النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَی الْعُقُوبَةِ. مَا أَقْبَحَ الأَشَرَ عِنْدَ الظَّفَرِ، وَ الْكَآبَةَ عِنْدَ النَّائِبَةِ، وَ الْقَسْوَةَ عَلَی الْجَارِ، وَ الْخِلاَفَ عَلَی الصَّاحِبِ، وَ الْحِنْثَ مِنْ ذَوِی الْمُرُوءَةِ، وَ الْغَدْرَ مِنَ السُّلْطَانِ. وَ مَا أَقْبَحَ الْقَطیعَةَ بَعْدَ الصِّلَةِ، وَ الْجَفَاءَ بَعْدَ الإِخَاءِ، وَ الْعَدَاوَةَ بَعْدَ الْمَحَبَّةِ، وَ زَوَالَ الأُلْفَةِ بَعْدَ اسْتِحْكَامِهَا، وَ الْخِیَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ، وَ الْغَدْرَ بِمَنِ اسْتَأْمَنَ إِلَیْكَ[244]. أَغْضِ عَلَی الْقَذی وَ الأَلَمِ[245] تَرْضَ أَبَداً. إِنِ اسْتَنَمْتَ إِلی وَدُودِكَ فَاحْرِزْ لَهُ مِنْ سِرِّكَ مَا لَعَلَّكَ أَنْ تَنْدِمَ عَلَیْهِ وَقْتاً مَّا[246]. [صفحه 977] وَ إِنْ أَرَدْتَ قَطیعَةَ أَخیكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِیَّةً یَرْجِعُ إِلَیْهَا إِنْ بَدَا لَهُ ذلِكَ یَوْماً مَّا، وَ مَنْ ظَنَّ بِكَ خَیْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ، وَ مَنْ رَجَاكَ فَلاَ تُخَیِّبْ أَمَلَه. إِیَّاكَ أَنْ تَغْفَلَ عَنْ حَقِّ أَخیكَ اتِّكَالاً عَلی وَاجِبِ حَقِّكَ عَلَیْهِ، فَإِنَّ لأَخیكَ عَلَیْكَ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذی لَكَ عَلَیْهِ[247]، وَ لاَ تُضَیِّعَنَّ حَقَّ أَخیكَ اتِّكَالاً عَلی مَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ، فَإِنَّهُ لَیْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ. وَ لاَ یَكُنْ أَهْلُكَ وَ ذَوُوكَ[248] أَشْقَی الْخَلْقِ بِكَ. یَا بُنَیَّ، لاَ تَسْتَخِفَّنَّ بِرَجُلٍ تَرَاهُ أَبَداً، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْكَ فَاحْسِبْ أَنَّهُ أَبُوكَ، وَ إِنْ كَانَ مِثْلَكَ فَهُوَ أَخُوكَ، وَ إِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْكَ فَاحْسِبْ أَنَّهُ ابْنُكَ[249]. وَ لاَ تَرْغَبَنَّ فیمَنْ زَهِدَ عَنْكَ[250]، وَ لاَ تَزْهَدَنَّ فیمَنْ رَغِبَ إِلَیْكَ[251]، [ فَإِنَّ ] زُهْدَكَ فی رَاغِبٍ فیكَ[252] نُقْصَانُ حَظٍّ، وَ رَغْبَتُكَ فی زَاهِدٍ فیكَ ذُلُّ نَفْسٍ. وَ لاَ یَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوی عَلی قَطیعَتِكَ مِنْكَ عَلی صِلَتِهِ، وَ لاَ یَكُونَنَّ عَلَی الاِسَاءَةِ أَقْوی مِنْكَ عَلَی الاِحْسَانِ، وَ لاَ عَلَی الْبُخْلِ أَقْوی مِنْكَ عَلَی الْبَذْلِ، وَ لاَ عَلَی التَّقْصیرِ أَقْوی مِنْكَ عَلَی الْفَضْلِ[253]. وَ لاَ یَكْبُرَنَّ عَلَیْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ، فَإِنَّهُ یَسْعی فی مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ، وَ لَیْسَ جَزَاءُ مَنْ عَظَّمَ شَأْنَكَ أَنْ تَضَعَ مِنْ قَدْرِهِ، وَ لاَ جَزَاءُ مَنْ[254] نَفَعَكَ[255] أَنْ تَسُوءَهُ. وَ اعْلَمْ، یَا بُنَیَّ، أَنَّ الرِّزْقَ رِزْقَانِ: [صفحه 978] رِزْقٌ تَطْلُبُهُ. وَ رِزْقٌ یَطْلُبُكَ، فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ. فَلاَ تَحْمِلْ هَمَّ سَنَتِكَ عَلی هَمِّ یَوْمِكَ، [ وَ ] لاَ تَحْمِلْ هَمَّ یَوْمِكَ الَّذی لَمْ یَأْتِ عَلی یَوْمِكَ الَّذی أَنْتَ فیهِ. وَ[256] كَفَاكَ كُلُّ یَوْمٍ مَا هُوَ فیهِ، فَإِنْ تَكُنِ السَّنَةُ مِنْ عُمُرِكَ فَإِنَ اللَّهَ تَعَالی جَدُّهُ سَیُؤْتیكَ فی كُلِّ غَدٍ جَدیدٍ مَا قَسَمَ لَكَ، وَ إِنْ لَمْ تَكُنِ السَّنَةُ مِنْ عُمُرِكَ فَمَا تَصْنَعُ بِالْهَمِّ وَ الْغَمِّ[257] فیمَا لَیْسَ لَكَ. وَ اعْلَمْ أَنَّهُ[258] لَنْ یَسْبِقَكَ إِلی رِزْقِكَ طَالِبٌ، وَ لَنْ یَغْلِبَكَ عَلَیْهِ غَالِبٌ، وَ لَنْ یُبْطِئَ[259] عَنْكَ مَا قَدْ قُدِّرَ لَكَ، وَ لَنْ یَفُوتَكَ مَا قُسِمَ لَكَ. فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ مُتْعِبٍ نَفْسَهُ مُقْتَرٍ عَلَیْهِ رِزْقُهُ، وَ مُقْتَصِدٍ فِی الطَّلَبِ قَدْ سَاعَدَتْهُ الْمَقَادیرُ، وَ كُلٌّ مَقْرُونٌ بِهِ الْفَنَاءُ. وَ الْیَوْمُ لَكَ وَ أَنْتَ مِنْ بُلُوغِ غَدٍ عَلی غَیْرِ یَقینٍ. فَلاَ یَغُرَّنَّكَ مِنَ اللَّهِ طُولُ حُلُولِ النِّعَمِ، وَ إِبْطَاءُ مَوَارِدِ النِّقَمِ، فَإِنَّهُ لَوْ خَشِیَ الْفَوْتَ عَاجَلَ بِالْعُقُوبَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ[260]. [ یَا بُنَیَّ، ] إِنَّ أَخْسَرَ النَّاسِ صَفْقَةً، وَ أَخْیَبَهُمْ سَعْیاً، رَجُلٌ أَخْلَقَ بَدَنَهُ فی طَلَبِ آمَالِهِ، وَ شُغِلَ بِهَا عَنْ مَعَادِهِ[261]، وَ لَمْ تُسَاعِدْهُ الْمَقَادیرُ عَلی إِرَادَتِهِ، فَخَرَجَ مِنَ الدُّنْیَا بِحَسْرَتِهِ، وَ قَدِمَ عَلَی الآخِرَةِ بِتَبِعَتِهِ. وَ اعْلَمْ، أَیْ بُنَیَّ، أَنَّ الدَّهْرَ ذُو صُرُوفٍ، فَلاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ تَشْتَدُّ لاَئِمَتُهُ، وَ یَقِلُّ عِنْدَ النَّاسِ عُذْرُهُ[262]. مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنی. [صفحه 979] [ یَا بُنَیَّ، ] إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْیَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ، وَ إِنْ كُنْتَ جَازِعاً[263] عَلی مَا تَفَلَّتَ مِنْ بَیْنِ[264] یَدَیْكَ فَاجْزَعْ عَلی كُلِّ مَا لَمْ یَصِلْ إِلَیْكَ. وَ اسْتَدِلَّ عَلی مَا لَمْ یَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ، فَإِنَّ الأُمُورَ أَشْبَاهٌ. لِكُلِّ مُقْبِلٍ إِدْبَارٌ، وَ مَا أَدْبَرَ كَأَنْ لَمْ یَكُنْ. لاَ تَكْفُرَنَّ نِعْمَةً، فَإِنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ مِنْ أَلأَمِ الْكُفْرِ[265]. وَ لاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ لاَ تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلاَّ إِذَا بَالَغَتْ فی إیلاَمِهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ یَتَّعِظُ بِالأَدَبِ الْقَلیلِ[266]، وَ الْبَهَائِمَ لاَ تَتَّعِظُ إِلاَّ بِالضَّرْبِ الأَلیمِ[267]. وَ اتَّعِظْ بَغَیْرِكَ، وَ لاَ یَكُونَنَّ غَیْرُكَ مُتَّعِظاً بِكَ. وَ احْتَذِ بِحِذَاءِ الصَّالِحینَ، وَ اقْتَدِ بآدَابِهِمْ، وَ سِرْ بِسیرَتِهِمْ. وَ اعْرِفِ الْحَقَّ لِمَنْ عَرَضَهُ لَكَ رَفیعاً كَانَ أَوْ وَضیعاً. وَ[268] اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْیَقینِ. [ فَإِنَّ ] مَنْ لَمْ یُنْجِهِ الصَّبْرُ أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ، وَ مَنْ لَمْ یُصْلِحْهُ الْوَرَعُ أَفْسَدَهُ الطَّمَعُ. سَاعَاتُ الْهُمُومِ سَاعَاتُ الْكَفَّارَاتِ، وَ السَّاعَاتُ تُنْفِدُ الْعُمُرَ[269]. لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ. لاَ خَیْرَ فی لَذَّةٍ بَعْدَهَا النَّارُ. وَ[270] مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ. [صفحه 980] وَ نِعْمَ حَظُّ الْمَرْءِ الْقَنَاعَةُ، وَ شَرُّ مَا أَشْعَرَ قَلْبَ الْمَرْءِ الْحَسَدُ[271]. صِحَّةُ الْجَسَدِ مِنْ قِلَّةِ الْحَسَدِ. وَ فِی الْقُنُوطِ التَّفْریطُ، وَ فِی الْخَوْفِ مِنَ الْعَوَاقِبِ الْبَغْیُ. فَاصْرِفْ عَنْكَ الْحَسَدَ تَغْنَمُ، وَ انْقِ صَدْرَكَ مِنَ الْغِلِّ تَسْلَمُ، وَ ارْجُ الَّذی بِیَدِهِ الأَقْوَاتُ وَ خَزَائِنُ الأَرْضِ وَ السَّموَاتِ، وَ سَلْهُ طیبَ الْمَكَاسِبِ، تَجِدْهُ مِنْكَ قَریباً وَ لَكَ مُجیباً. وَ الشُّحُّ یَجْلِبُ الْمَلاَمَةَ، [ وَ ] سُوءُ الطُّعْمَةِ یُفْسِدُ الْعِرْضَ، وَ یَخْلُقُ الْوَجْهَ، وَ یَمْحَقُ الدّینَ[272]. وَ الصَّاحِبُ الصَّالِحُ[273] مُنَاسِبٌ. صَدیقُكَ أَخُوكَ لأَبیكَ وَ أُمِّكَ، وَ لَیْسَ كُلُّ أَخٍ مِنْ أَبیكَ وَ أُمِّكَ صَدیقُكَ[274]. وَ الصَّدیقُ مَنْ صَدَقَ غَیْبُهُ. وَ الْهَوی شَریكُ الْعَمی[275]، وَ الْهُدی یُجَلِّی الْعَمی. وَ مِنَ التَّوْفیقِ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْحَیْرَةِ. وَ نِعْمَ طَارِدُ الْهُمُومِ الْیَقینُ. وَ عَاقِبَةُ الْكَذِبِ النَّدَمُ، وَ عَاقِبَةُ الصِّدْقِ النَّجَاةُ.[276]. [ أَیْ بُنَیَّ، ] رُبَّ بَعیدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَریبٍ وَ قَریبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعیدٍ. اَلْقَریبُ مَنْ قَرَّبَتْهُ الْمَوَدَّةُ وَ إِنْ بَعُدَ نَسَبُهُ، وَ الْبَعیدُ مَنْ بَاعَدَتْهُ الْعَدَاوَةُ وَ إِنْ قَرُبَ نَسَبُهُ. اَلْمُجَرِّبُ أَحْكَمُ مِنَ الطَّبیبِ[277]، وَ الْغَریبُ مَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ حَبیبٌ. [صفحه 981] لاَ یَعْدِمُكَ مِنْ حَبیبٍ شَفیقٍ سُوءُ ظَنٍّ. وَ مَنْ حَمی طَنی. مَنْ عَتَبَ عَلَی الدَّهْرِ طَالَ مَعْتَبُهُ، وَ مَنْ رَكِبَ الْبَاطِلَ أَهْلَكَهُ مَرْكَبُهُ، وَ[278] مَنْ تَعَدَّی الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ، وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلی قَدْرِهِ كَانَ أَبْقی لَهُ. [ یَا بُنَیَّ، ] لاَ تَكُنْ مِضْحَاكاً مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ، وَ لاَ مَشَّاءً إِلی غَیْرِ أَرَبٍ. نِعْمَ الْخُلْقُ التَّكَرُّمُ، وَ أَلأَمُ اللُّؤْمِ الْبَغْیُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ. وَ الْحَیَاءُ سَبَبٌ إِلی كُلِّ جَمیلٍ. وَ أَوْثَقُ الْعُرَی التَّقْوی[279]، وَ أَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی. وَ مَنَّكَ مَنْ أَعْتَبَكَ. وَ الاِفْرَاطُ فِی الْمَلاَمَةِ یَشِبُّ نَارَ اللَّجَاجَةِ[280]. وَ مَنْ لَمْ یُبَالِكَ[281] فَهُوَ عَدُوٌّ لَكَ. كَمْ مِنْ دَنِفٍ قَدْ نَجَا، وَ صَحیحٍ قَدْ هَوی، وَ[282] قَدْ یَكُونُ الْیَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلاَكاً. [ یَا بُنَیَّ، ] لَیْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ، وَ لاَ كُلُّ فُرْصَةٍ تُصَابُ.، وَ لاَ كُلُّ دُعَاءٍ یُجَابُ[283]، وَ رُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصیرُ قَصْدَهُ، وَ أَصَابَ الأَعْمی رُشْدَهُ. لَیْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ وَجَدَ، وَ لاَ كُلُّ مَنْ تَوَقَّی نَجَا[284]. أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ، وَ افْعَلِ الْخَیْرَ مَا أَمْكَنَ، وَ[285] ازْجُرِ الْمُسی ءَ بِثَوَابِ[286] [صفحه 982] الْمُحْسِنِ لِكَیْ یَرْغَبَ بِالإِحْسَانِ. وَ أَحْسِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْكَ. وَ احْتَمِلْ أَخَاكَ عَلی كُلِّ مَا فیهِ، وَ لاَ تُكْثِرِ الْعِتَابَ فَإِنَّهُ یُورِثُ الضَّغینَةَ، وَ یَجُرُّ إِلَی الْبُغْضَةِ. وَ عَاتِبْ مَنْ رَجَوْتَ عُتْبَاهُ، وَ فَاكِهْ مَنْ أَمِنْتَ بَلْوَاهُ[287]. وَ قَطیعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعَاقِلِ. وَ قَبیحٌ عَاقِلٌ خَیْرٌ مِنْ حَسَنٍ جَاهِلٍ. وَ مِنَ الْكَرَمِ مَنْعُ الْحَزْمِ. مَا أَقْرَبَ النِّقْمَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ. [ أَیْ بُنَیَّ، ] لاَ تَبیتَنَّ مِنِ امْرِئٍ عَلی غَدْرٍ[288]. اَلْغَدْرُ شَرُّ لِبَاسِ الْمُسْلِمِ، وَ أَخْلَقُ بِمَنْ غَدَرَ أَنْ لاَ یُوفی لَهُ[289]. اَلْوَفَاءُ لأَهْلِ الْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَ الْغَدْرُ بِأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالی. زَلَّةُ الْمُتَوَقّی[290] أَشَدُّ زَلَةٍ، وَ عِلَّةُ الْقُبْحِ[291] أَقْبَحُ عِلَّةٍ. وَ الْفَسَادُ[292] یُبیرُ الْكَثیرَ، وَ الاِقْتِصَادُ یُنْمِی الْیَسیرَ. وَ الْقِلَّةُ ذِلَّةٌ، وَ بَرُّ الْوَالِدَیْنِ مِنْ أَكْرَمِ الطِّبَاعِ[293]. اَلْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ ظَهَرَ[294]. [صفحه 983] [ وَ ] مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَیْئاً فی قَلْبِهِ[295] إِلاَّ ظَهَرَ فی فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَ صَفَحَاتِ وَجْهِهِ. وَ الْمُخَافِتُ شَرّاً یَخَافُ[296]. وَ الْخَوْفُ شَرُّ لَحَافٍ. وَ الزَّلَلُ مَعَ الْعَجَلِ. وَ لاَ خَیْرَ فی لَذَّةٍ تَعْقُبُ نَدَماً. إِنَّمَا الْعَاقِلُ مَنْ وَعَظَتْهُ التَّجَارِبُ، وَ الْجَاهِلُ مَنْ خَدَعَتْهُ الْمَطَالِبُ[297]. [ یَا بُنَیَّ، ] مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ، وَ رَسُولُكَ[298] تَرْجُمَانُ عَقْلِكَ، وَ كِتَابُكَ أَبْلَغُ مَا[299] یَنْطِقُ عَنْكَ، وَ احْتِمَالُكَ دَلیلُ حِلْمِكَ. وَ لَیْسَ مَعَ الْخِلاَفِ ائْتِلاَفٌ، وَ لَیْسَ مَعَ الشَّرَهِ عَفَافٌ. وَ مَنْ خَیَّرَ خَوَّاناً فَقَدْ خَانَ. مِنْ حُسْنِ الْجِوَارِ تَفَقُّدُ الْجَارِ. لَنْ یَهْلِكَ مَنِ اقْتَصَدَ، وَ لَنْ یَفْتَقِرَ مَنْ زَهَدَ. یُنْبِئُ عَنِ سِرِّ الْمَرْءِ دَخیلُهُ. رُبَّ بَاحِثٍ عَنْ حَتْفِهِ. [ أَیْ بُنَیَّ، ] لاَ تَشُوبَنَّ بِثِقَةٍ رَجَاءً. مَا كُلُّ مَا یُخْشی یَضُرُّ. رُبَّ هَزْلٍ عَادَ جِدّاً[300]. مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَهُ، وَ مَنْ أَعْظَمَهُ أَهَانَهُ، وَ مَنْ تَرَغَّمَ عَلَیْهِ أَرْغَمَهُ، وَ مَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ أَسْلَمَهُ. [صفحه 984] وَ[301] لَیْسَ كُلُّ مَنْ رَمی أَصَابَ. إِذَا تَغَیَّرَ السُّلْطَانُ تَغَیَّرَ الزَّمَانُ. [ أَیْ بُنَیَّ، ] خَیْرُ أَهْلِكَ مَنْ كَفَاكَ. اَلْمُزَاحُ یُورِثُ الضَّغَائِنَ. أُعْذِرَ مَنِ اجْتَهَدَ، وَ رُبَّمَا أَكْدَی الْحَریصُ. رَأْسُ الدّینِ صُحْبَةُ الْمُتَّقینِ، وَ تَمَامُ الإِخْلاَصِ تَجَنُّبُ الْمَعَاصی. وَ خَیْرُ الْمَقَالِ مَا صَدَّقَهُ حُسْنُ الْفِعَالُ، وَ أَحْسَنُ الْكَلاَمِ مَا زَانَهُ حُسْنُ النِّظَامِ، وَ فَهِمَهُ الْخَاصُّ وَ الْعَامُّ. وَ السَّلاَمَةُ مَعَ الاِسْتِقَامَةِ، وَ الدُّعَاءُ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ[302]. [ یَا بُنَیَّ، ] سَلْ عَنِ الرَّفیقِ قَبْلَ الطَّریقِ، وَ عَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ، وَ كُنْ مِنَ الدُّنْیَا عَلی قُلْعَةٍ. إِحْتَمِلْ دَاَلَّةَ مَنْ أَدَلَّ عَلَیْكَ، وَ اقْبَلِ الْعُذْرَ مِمَّنِ اعْتَذَرَ إِلَیْكَ، وَ أَحْسِنْ إِلی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكَ. وَ خُذِ الْعَفْوَ مِنَ النَّاسِ، وَ لاَ تُبَلِّغْ إِلی أَحَدٍ مَكْرُوهَهُ. إِرْحَمْ[303] أَخَاكَ وَ إِنْ عَصَاكَ، وَ صِلْهُ وَ إِنْ جَفَاكَ. وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ السَّمَاحَ، وَ تَخَیَّرْ لَهَا مِنْ كُلِّ خُلْقٍ أَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْخُلُقَ عَادَةٌ. وَ[304] إِیَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْكَلاَمِ مَا یَكُونُ قَذِراً أَوْ[305] مُضْحِكاً، وَ إِنْ حَكَیْتَ ذَلِكَ عَنْ غَیْرِكَ، وَ أَنْصِفْ مِنْ نَفْسِكَ قَبْلَ أَنْ یُنْتَصَفَ مِنْكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجَلُّ لِقَدْرِكَ، وَ أَجْدَرُ بِرِضَا رَبِّكَ. أَیْ بُنَیَّ[306]، إِیَّاكَ وَ مُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ، إِلاَّ مَنْ جَرَّبْتَ بِكَمَالٍ[307]، فَإِنَّ رَأْیَهُنَّ إِلی أَفْنٍ، وَ عَزْمَهُنَّ [صفحه 985] إِلی وَهْنٍ. وَ اكُفُفْ عَلَیْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِیَّاهُنَّ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ أَبْقی[308] لَهُنَّ. وَ لَیْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ[309] مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لاَ یُوثَقُ بِهِ عَلَیْهِنَّ. وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ یَعْرِفْنَ غَیْرَكَ[310] مِنَ الرِّجَالِ[311] فَافْعَلْ، [ فَإِنَّ ] غَیْرَةَ الْمَرْأَةِ كُفْرٌ[312]، وَ غَیْرَةَ الْمَرْءِ[313] إیمَانٌ. وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ[314] لاَ تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا[315] مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا، فَافْعَلْ، فَإِنَّ ذلِكَ أَنْعَمُ لِحَالِهَا، وَ أَرْخی لِبَالِهَا، وَ أَدْوَمُ لِجَمَالِهَا[316]، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَیْحَانَةٌ، وَ لَیْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ، فَدَارِهَا عَلی كُلِّ حَالٍ، وَ أَحْسِن الصُّحْبَةَ لَهَا، یَصْفُو عَیْشُكَ[317]. وَ لاَ تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا، وَ لاَ تُطْمِعْهَا فی أَنْ تَشْفَعَ لِغَیْرِهَا، فَیَمیلُ مَنْ شَفَعَتْ لَهُ عَلَیْكَ مَعَهَا. وَ لاَ تُطِلِ الْخَلْوَةَ مَعَ النِّسَاءِ فَیَمْلِكْنَكَ أَوْ یَمَلَّنَّكَ وَ تَمَلَّهُنَّ. وَ اسْتَبْقِ مِنْ نَفْسِكَ بَقِیَّةً، فَإِنَّ إِمْسَاكِكَ عَنْهُنَّ وَ هُنَّ یَرَیْنَ أَنَّكَ ذُو اقْتِدَارٍ خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَعْثُرْنَ لَكَ عَلَی انْكِسَارٍ[318]. وَ إِیَّاكَ وَ التَّغَایُرَ فی غَیْرِ مَوْضِعِ غَیْرَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ یَدْعُو الصَّحیحَةَ مِنْهُنَّ[319] إِلَی السَّقَمِ، [صفحه 986] وَ الْبَریئَةَ إِلَی الرَّیْبِ. وَ لكِنْ أَحْكِمْ أَمْرَهُنَّ، فَإِنْ رَأَیْتَ مِنْ نِسَائِكَ ریبَةً فَاجْعَلْ لَهُنَّ[320] النَّكیرَ عَلَی الْكَبیرِ وَ الصَّغیرِ. وَ إِیَّاكَ أَنْ تُكَرِّرَ الْعَتَبَ، فَإِنَّ ذَلِكَ یُغْری بِالذَّنْبِ، وَ یُهَوِّنُ الْعَتَبَ[321]. [ أَیْ بُنَیَّ، ] خِیَارُ خِصَالِ النِّسَاءِ شِرَارُ خِصَالِ الرِّجَالِ: الزَّهُوُ، وَ الْجُبْنُ، وَ الْبُخْلُ. فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا. وَ إِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ یَعْرِضُ لَهَا. وَ إِذَا كَانَتْ بَخیلَةً حَفِظَتْ مَالَهَا وَ مَالَ بَعْلِهَا. [ یَا بُنَیَّ، ] أَحْسِنْ لِلْمَمَالیكَ الأَدَبَ، وَ أَقْلِلِ الْغَضَبَ، وَ لاَ تُكْثِرِ الْعَتَبَ فی غَیْرِ ذَنْبٍ. وَ إِنْ أَجْرَمَ أَحَدٌ مِنْهُمْ جُرْماً فَأَحْسِنِ الْعَذْلَ، فَإِنَّ الْعَفْوَ مَعَ الْعَذْلِ أَشَدُّ مِنَ الضَّرْبِ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ. وَ خِفِ الْقِصَاصَ، وَ لاَ تُمَسِّكْ مَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ[322]. وَ اجْعَلْ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ خَدَمِكَ عَمَلاً تَأْخُذُهُ بِهِ، فَإِنَّهُ أَحْری أَنْ لاَ یَتَوَاكَلُوا فی خِدْمَتِكَ. وَ أَكْرِمْ عَشیرَتَكَ، فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذی بِهِ تَطیرُ، وَ أَصْلُكَ الَّذی إِلَیْهِ تَصیرُ، وَ یَدُكَ الَّتی بِهَا تَصُولُ، وَ هُمُ الْعُدَّةُ[323] عِنْدَ الشِّدَّةِ، فَأَكْرِمْ كَریمَهُمْ، وَ عُدْ سَقیمَهُمْ، وَ اشْرَكْهُمْ فی أُمُورِهِمْ، وَ تَیسَّرْ عِنْدَ مَعْسُورِهِمْ[324]. إِرْفِقْ بِالْبَهَائِمِ، لاَ تُوقَفْ عَلَیْهَا أَحْمَالَهَا، وَ لاَ تُسْقی بِلُجُمِهَا، وَ لاَ تُحَمَّلْ فَوْقَ طَاقَتِهَا. كَیْفَ وَ أَنَّی بِكَ، یَا بُنَیَّ، إِذَا صِرْتَ فی قَوْمٍ صَبِیُّهُمْ عَادٍ[325]، وَ شَابُّهُمْ فَاتِكٌ، وَ شَیْخُهُمْ لاَ یَأْمُرُ [صفحه 987] بِمَعْرُوفٍ وَ لاَ یَنْهی عَنْ مُنْكَرٍ. وَ عَالِمُهُمْ خَبٌّ مُوَارٍ، قَدِ اسْتَحْوَذ عَلَیْهِ هَوَاهُ، وَ تَمَسَّكَ بِعَاجِلِ دُنْیَاهُ. أَشَدُّهُمْ عَلَیْكَ إِقْبَالاً یَرْصُدُكَ بِالْغَوَائِلِ، وَ یَطْلُبُ الْجَنَّةَ بِالتَّمَنّی، وَ یَطْلُبُ الدُّنْیَا بِالاِجْتِهَادِ. خَوْفُهُمْ آجِلٌ، وَ رَجَاؤُهُمْ عَاجِلٌ. لاَ یَهَابُونَ إِلاَّ مَنْ یَخَافُونَ لِسَانَهُ، وَ لاَ یُكْرِمُونَ إِلاَّ مَنْ یَرْجُونَ نَوَالَهُ. دینُهُمُ الرِّیَاءُ، وَ كُلُّ حَقٍّ عِنْدَهُمْ مَهْجُورٌ. یُحِبُّونَ مَنْ غَشَّهُمْ، وَ یُجِلُّونَ مَنْ دَاهَنَهُمْ. قُلُوبُهُمْ خَاوِیَةٌ، لاَ یَسْمَعُونَ دُعَاءً، وَ لاَ یُجیبُونَ سَائِلاً. قَدِ اسْتَوْلَتْ عَلَیْهِمْ سَكْرَةُ الْغَفْلَةِ، وَ غَرَّتْهُمُ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا. إِنْ تَرَكْتَهُمْ لمْ یَتْرُكُوكَ، وَ إِنْ تَابَعْتَهُمُ اغْتَالُوكَ. إِخْوَانُ الظَّاهِرِ، وَ أَعْدَاءُ السَّرَائِرِ. یَتَصَاحَبُونَ عَلی غَیْرِ تَقْوی، فَإِذَا افْتَرَقُوا ذَمَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً. تَمُوتُ فیهِمُ السُّنَنُ، وَ تَحْیَا فیهِمُ الْبِدَعُ. فَأَحْمَقُ النَّاسِ مَنْ أَسِفَ عَلی فَقْدِهِمْ، أَوْ سُرَّ بِكَثْرَتِهِمْ. فَ[326] كُنْ فِی الْفِتْنَةِ عِنْدَ ذَلِكَ، یَا بُنَیَّ[327]، كَابْنِ اللَّبُونِ، لاَ ظَهْرٌ فَیُرْكَبُ، وَ لاَ ضَرْعٌ فَیُحْلَبُ، وَ لاَ وَبَرٌ فَیُسْلَبُ. وَ مَا طِلاَبُكَ لِقَوْمٍ إِنْ كُنْتَ عَالِماً عَابُوكَ، وَ إِنْ كُنْتَ جَاهِلاً لَمْ یُرْشِدُوكَ، وَ إِنْ طَلَبْتَ الْعِلْمَ قَالُوا: مُتَكَلِّفٌ مُتَعَمِّقٌ، وَ إِنْ تَرَكْتَ طَلَبَ الْعِلْمِ قَالُوا: عَاجِزٌ غَبِیٌّ. وَ إِنْ تَحَقَّقْتَ لِعِبَادَةِ رَبِّكَ قَالُوا: مُتَصَنِّعٌ مُرَاءٍ. وَ إِنْ لَزِمْتَ الصَّمْتَ قَالُوا: أَلْكَنٌ، وَ إِنْ نَطَقْتَ قَالُوا: مِهْزَالٌ. وَ إِنْ أَنْفَقْتَ قَالُوا: مُسْرِفٌ، وَ إِنِ اقْتَصَدْتَ قَالُوا: بَخیلٌ. [صفحه 988] وَ إِنِ احْتَجْتَ إِلی مَا فی أَیْدیهِمْ صَارَمُوكَ وَ ذَمُّوكَ، وَ إِنْ لَمْ تَعْتَدَّ بِهِمْ كَفَّرُوكَ. فَهذِهِ صِفَةُ أَهْلِ زَمَانِكَ، فَأَصْغَاكَ مَنْ فَزِعَ مِنْ جُودِهِمْ، وَ أَمِنَ مِنَ الطَّمَعِ فیهِمْ، فَهُوَ مُقْبِلٌ عَلی شَأْنِهِ مُدَارٍ لأَهْلِ زَمَانِهِ. وَ مِنْ صِفَةِ الْعَالِمِ أَنْ لاَ یَعِظَ إِلاَّ مَنْ یَقْبَلُ عِظَتَهُ، وَ لاَ یَنْصَحُ مُعْجَباً بِرَأْیِهِ، وَ لاَ یُخْبِرُ مَا یَخَافُ إِذَاعَتَهُ. [ أَیْ بُنَیَّ، ] لاَ تُودِعْ سِرَّكَ إِلاَّ عِنْدَ كُلِّ ثِقَةٍ، وَ لاَ تَلْفِظْ إِلاَّ بِمَا یَتَعَارَفُ بِهِ النَّاسُ، وَ لاَ تُخَالِطْهُمْ إِلاَّ بِمَا یَعْقِلُونَ، فَاحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ، وَ كُنْ فَرْداً وَحیداً، وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ عَلی أَمْرِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّهُ أَكْفی مُعینٍ[328]. أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دینَكَ وَ دُنْیَاكَ، وَ أَسْأَلُهُ خَیْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِی الْعَاجِلَةِ وَ الآجِلَةِ، وَ الدُّنْیَا وَ الآخِرَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالی. وَ السَّلاَمُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ[329].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ، الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ، الْمُدْبِرِ لِلْعُمُرِ[1] الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ، الذَّامِّ لِلدُّنْیَا، الظَّاعِنِ عَنْهَا غَدَاً، السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتی.
صفحه 948، 949، 950، 951، 952، 953، 954، 955، 956، 957، 958، 959، 960، 961، 962، 963، 964، 965، 966، 967، 968، 969، 970، 971، 972، 973، 974، 975، 976، 977، 978، 979، 980، 981، 982، 983، 984، 985، 986، 987، 988.
و نسخة العطاردی ص 337. و غرر الحكم ج 1 ص 148. و كنز العمال ج 9 ص 175. و نهج السعادة ج 4 ص 331. و نهج البلاغة الثانی ص 195. باختلاف بین المصادر. و كنز العمال ج 16 ص 120 و 216. و نهج البلاغة الثانی ص 195. باختلاف یسیر. باختلاف بین المصادر. و شرح ابن أبی الحدید ج 20 ص 312. و تحف العقول ص 59. و نهج السعادة ج 4 ص 123 و ج 7 ص 232 و 248. باختلاف. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. و نهج السعادة ج 4 ص 321. باختلاف بین المصادر. و نور الأبصار ص 93. و نهج السعادة ج 4 ص 322. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. باختلاف. و كنز العمال ج 16 ص 181. باختلاف یسیر. باختلاف بین المصادر. و نسخة العطاردی ص 428. و غرر الحكم ج 1 ص 128. باختلاف یسیر.